تخطى الى المحتوى

مشكلة العائلة والأصدقاء المقربين!

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف

مقدمة: ربما أجد أن هذه المقالة أحد المقالات الحساسة التي كتبتها، لكنها بالتأكيد لا تقصد شخصاً أو موقفاً بعينه، وهي بالتأكيد قراءة للأحداث وليست لتصفية الحسابات.


يتطرق بريسفيلد في أحد كتبه عن أكبر مشكلة شخصية تواجه الواحد فينا مع عائلته أو أصدقائه المقربين، وهي «أنهم يُذكروننا بأنفسنا، بل ويسعون دوماً لتحويلنا وإرجاعنا إلى الشخصيات التي إعتادوها فينا». وهذا الرأي يفسر كثيراً ردود الفعل السلبية عندما يخبرهم أحدنا أنه على حمية غذائية، أو في حالة إقلاع عن التدخين أو أي أمر آخر لم يعتده المقربون.

عندما يكبُر أحدنا ويتغير (أو يتطور) إلى حال آخر، فلا يجب أن نتوقع من المقربين تجاوباً كبير.

أضرب هنا على سبيل المثال (دون سلبية) أنني بعد أن كتبت كتاب «ثورة الفن» وبيع منه ما يقارب ٢٠،٠٠٠ نسخة وبعد أن نشرت أكثر من ٤٠٠ مقالة في مختلف الصحف وعلى مدونتي، أستطيع أن أجزم أن ليس هناك شخص واحد فقط من أقرب المقربين لدي قد قرأ ما يتجاوز ٥٪ مما كتبت. ليس لأنهم بالطبع يملكون شيئاً سلبي اتجاهي؛ لكن ببساطة لأنهم يعتقدون أن من كتب كل ذلك هو بالضرورة نفس الشخص القديم الذي اعتادوا عليه. عكس الكثير من الغرباء (الذين أصبحوا أصدقائي) والذين (ربما) يحرصون على الاطلاع على ما كتبه هذا الإنسان.

أو ربما لأن معظم المقربين يعتقدون أنهم يعرفون ما وصل إليه أحد أقاربهم الصِغار أو كيف يفكر ولماذا.

الإدراك بأن الآخرين يتغيرون باستمرار في جميع أصعدة الحياة لا يصل إليه معظمنا. ولا يرغب البعض بالاقتناع أن فلاناً من الناس قد كبُر أو تطور أو عمل على نفسه.

مثلما واجه صديقي العزيز عمر توبيخاً وتعاملاً قاسي من أحد كِبار عائلته، لأن الأخير مازال يعتقد (أو كما اعترف) أن عُمر لا يزال ذلك الإبن الصغير ليقول له «من أنت حتى تُفتي أو تقول رأيك؟» أو «ماذا درست لكي تدلي لنا بدلوك؟» مع العِلم أن عمر تجاوز الخامسة والثلاثين من عمره!

أدركت بعد وقت طويل أن رأي الأهل والمقربين ليس مؤشراً للنجاح، وأنه في حالات كثيرة سيتعارض مع المصالح الخاصة بنا، ببساطة لأنها محسوبة على الشخصية القديمة، وليس للتي وصلنا إليها الآن.

يستوقفني كثيراً تفاعل الغرباء – إن صح التعبير – الإيجابي في حياتنا وتشجيع بعضهم لما يرونه من تطور، وربما أعوز السبب ببساطة أنهم يروا فينا النتيجة النهائية، وليس ما تعودوا عليه.

وأخيراً … أجد أن محاولة الهروب من الصورة القديمة مع عدم محاولة إثباتها للمقربين هي الطريق الأسهل والخالي من وجع الرأس.

شؤون اجتماعيةمقالات عن سلوك الفنانين

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.

تعليقات


المقالات ذات الصلة

للأعضاء عام

اقتراحات يوليو ٢٠٢٤م: بودكاست وكُتب وأماكن

كان من المثير للدهشة بالنسبة إلي، أن اقتراحات يونيو ٢٠٢٤م قد لاقت تفاعلًا من القريبين أكثر من القرّاء، وهذا أمرٌ لطيف في الحقيقة، لكيلا يشعر المُقترِح أنه «يكلم جدار» مع اقتراحاته. عمومًا، لا يمكن أن أُعطي اقتراحات خارجية، قبل أن أحصل على شيء من

اقتراحات يوليو ٢٠٢٤م: بودكاست وكُتب وأماكن
للأعضاء عام

لماذا تطرد برشلونة سُيّاحها؟ (الموضوع أعقد مما نتصور)

ربما يكون أحيانًا تغيُر نمط حياتهم البسيطة بشكلٍ جذري سببًا كافيًا لعدم تحمّل الضيوف!

لماذا تطرد برشلونة سُيّاحها؟ (الموضوع أعقد مما نتصور)
للأعضاء عام

قصة الحادث الذي لم يغيّر حياتي - الجزء الأول

تريدون قصة؟ سأحكي لكم واحدة. كُنت أدرس في المرحلة الثانوية عام ٢٠٠٤م. اتصلت على أحد الأصدقاء (الذين تخرّجوا)، واتفقت معه أن يمر عليَ صباح اليوم التالي ليقلّني من البيت بسيارته في تمام الساعة السابعة صباحًا، في الفترة التي كان فيها معظم من في سني لا يملكون

قصة الحادث الذي لم يغيّر حياتي - الجزء الأول