تخطى الى المحتوى

مشكلة النباتيين

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف
مشكلة النباتيين
Photo by Vegan Liftz on Unsplash

هذه المقالة ليست انتقاد لنمط حياة النباتيين، إنما لمحاولة تحليل أحد الأمور التي يمرون بها من ناحية نفسية، مع الأخذ في الاعتبار أنها تعني بشكل أكبر الأشخاص الاجتماعيين.

يعتقد راين هوليدي أن الأشخاص الذين يعيشون في مُدن شديدة الغلاء (مثل مدينة نيويورك) يعانون من أحد المشكلة التي يعاني منها النباتيين، وهي ما يُطلق عليها في علم النفس «نضوب الأنا» (Ego Depletion): وتعريفها المختصر:

أن ضبط النفس أو قوة الإرادة تعتمد على مجموعة محدودة من الموارد العقلية التي يمكن استخدامها… وعندما تكون الطاقة اللازمة للنشاط العقلي منخفضة، فإن ضبط النفس عادة ما يكون ضعيفًا.

[بمعنى؛ أن هذه الحالة] تُضعِف القدرة على التحكم في النفس لاحقًا في أمور غير مرتبطة [1].

ولكي أحاول أن أشرح هذا الكلام العلمي بطريقة بلدية (مع ذكر الشاهد): فإن قدرة الإنسان في ضبط النفس ومقاومة المغريات ليعيش مجرد حياة عادية وبسيطة أمرًا ليس سهلًا في الأساس، ولذا، فإن النباتيين ومن يعيشون في مُدن غالية – حسب رأي هوليدي – يستنزفون معظم ما يمكن الحفاظ عليه أصلًا من موارد عقلية (ومالية) قبل أن يبدأوا في مجابهة مشاكل حياتهم التقليدية. خصوصًا الاجتماعيين.

كأن تحضر الفتاة إلى دعوة عشاء وهي تتضور جوعًا لتكتشف أنه ليس هناك خيارات نباتية، أو كأن يضطر أن يدعوا الشاب صديقه الذي زاره من الخارج لمطعم وهو بالكاد يتحمل مصاريفه الغالية. يبدأون من هنا دون الحديث عن مشاكل العمل والأبناء والرياضة والقراءة والمشاريع الإبداعية الموجودة على الرف.

محاولة تقليل الانضباطات النفسية أو تجنّب المواقف التي تصيبنا بالتوتر عمومًا، أمور تستحق أن نخطط لها ونتمرن عليها. ليس إشارة بالطبع لموضوع النباتية، ولكن في باقي شؤون الحياة.

أي مهمة أو سلوك أو شخص يستنزف مخزوني من المقاومة أو قوة الإرادة، يجب أن يختفي، ولو بشكل جزئي.


[1]: Friese, Malte; Loschelder, David D.; Gieseler, Karolin; Frankenbach, Julius; Inzlicht, Michael (29 March 2018). “Is Ego Depletion Real? An Analysis of Arguments”. Personality and Social Psychology Review.

سيكلوجيا الإنسان

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.

تعليقات


المقالات ذات الصلة

للأعضاء عام

لا يسأل المدربين لاعبيهم: ما الذي تشعرون به؟

هل يكون التعبير المفرط عن المشاعر واليقين بسوء النفسية (خصوصًا لدى اليافعين) مفيد، بنفس القدر الذي يجب فيه أن يحاولوا أن يتجاهلوه بالانسجام مع مسؤوليات حياتهم اليومية؟ لا نجد في عالم الرياضات التنافسية أن المدربين حريصين على استكشاف مشاعر متدربيهم بنفس القدر على حِرصهم لإنجاز جلسة التدريب التالية،

لا يسأل المدربين لاعبيهم: ما الذي تشعرون به؟
للأعضاء عام

لا يسأل الأطفال عن معنى هذه الحياة

«ما الذي يجعل الحياة جديرة بأن تعاش؟ لا يوجد طفل يسأل نفسه هذا السؤال. بالنسبة إلى الأطفال، الحياة واضحة بذاتها. الحياة غنيّة عن الوصف: سواء كانت جيدة أو سيئة، لا فرق. وذلك لأن الأطفال لا يرون العالم، ولا يلاحظونه، ولا يتأملون فيه، ولكنهم منغمسون بعمق في العالم لدرجة أنهم

لا يسأل الأطفال عن معنى هذه الحياة
للأعضاء عام

مكان الغرباء والأحلام خلف الجميع

في عام الكورونا، زرت هذا المكان أكثر من أربع عشرة مرة. لا أحد أعرفه زاره بنفس القدر.

مكان الغرباء والأحلام خلف الجميع