تخطى الى المحتوى

الإنسانية والعظماء: مع هاني نقشبندي

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف

«لا تُجردهم من إنسانيتهم، هم أشخاص عاديين مثلنا مثلهم .. فقط ما كان يميزهم أمرين: المثابرة المستمرة، والبطء حتى يصلون إلى نتائج أعمالهم. مشكلتنا أننا نمجد، ونُعظم، ومعها نجردهم من إنسانيتهم وأخطائهم، ويجد المتلقي لهذا التمجيد أننا نصورهم كأنهم خارقين، وهم ليسوا بالضرورة كذلك».

كان هذا تعليق الإعلامي المعروف والروائي القدير هاني نقشبندي، عندما التقيته مع صديقي (محمد هشام حافظ) الذي نظم واقترح اللقاء قبل يومين في إحدى مطاعم سيتي ووك في مدينة دبي. صُرفت الجلسة على نقاشات رائعة لم نشعر بالوقت فيها، وربما كان استقباله الكريم لنسخة من كتاب ثورة الفن هي ما دفعته للنقاش حول العظماء والفنانين ليقود للفكرة هنا، وللتعليق المذكور بداية المقالة. وأضاف: «أنا مولع بشخصية آينشتاين، وإن راقبت حياته عن كثب، ستجد أنه كان يتساءل لفترة طويلة دون كلل، ما هو الضوء؟ .. لماذا لم يأتي أحد من قبل وأجاب لنا على هذا السؤال؟ .. بطء التفكير والمثابرة لمعرفة الجواب قاده لتغيير البشرية وخروجه بالنظرية النسبية. وأعلم يقيناً أن العظمة تأتي مع هذين السلوكين، البطء (أو الصبر) والمثابرة».

«ستجد أن معظم العظماء – ولنقل الأدباء في حالة اهتمامنا مثلاً – على الأغلب ليسوا ناجحين في بقية جوانب حياتهم بعيداً عن تخصصهم، ستجدهم ربما أسوء من المعتاد، وهذا أمر طبيعي، لأن قضيتهم ليسوا أن ينجحوا في كل شيء أو أن يبهروا الآخرين بالضرورة، بل كل ما في الأمر محاولة جدية في إنجاح تخصصهم واهتمامهم وقضيتهم فقط». وعلق أيضاً: «.. ستجد المثابرة والصبر المستمر هي من صنعت ووضعت الروائيين والأدباء أسمائهم في التاريخ، وهي من جعلت شخصاً مثل ستالين يقول بصوت عالي في المذياع لشعبه أثناء حربه مع النازيين: «دافعوا عن أرض تولستوي وبوشكين» ولم يقل دافعوا عن أرض رجال الأعمال أو أرضكم، (ربما لأن الأدب هو الأكثر مساساً للإنسان بداخلنا، وربما لأن بقائه بمثابة الموروث الذي لا نود تركه) …».

الصبر والمثابرة، هي ما يمكن لنا من خلالها أن نُغير، وأن نلامس الآخرين. وهي من تصنعنا مع الوقت، وربما يجوز القول أيضاً، أن لا شيء مثلهما في التأثير.

مقالات عن الانتاجيةمقالات عن سلوك الفنانين

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.

تعليقات


المقالات ذات الصلة

للأعضاء عام

كيف نتعامل مع كثرة الأهداف في حياتنا؟ (ملفّات القرّاء ٤)

مساء الخير أُستاذ أحمد، جزيل الشكر على هذه المدونة الجميلة والمفيدة، سؤالي: كيف يتعامل الإنسان مع كثرة الأهداف في حياته؟ حينما يحاول التخطيط للفترة القادمة، يجد أهدافاً كثيرة على جميع المستويات إيماني، تخصصي، معرفي، اجتماعي ومالي وغيرها! وكلما حاول عمل فلترة، يجد هذه الأهداف والأمنيات ملحة! فيزداد حيرة؛ يخاف

كيف نتعامل مع كثرة الأهداف في حياتنا؟ (ملفّات القرّاء ٤)
للأعضاء عام

فيما يخص تعليق الشهادات على الجِدار (رسالة قارئة)

عن المقالة السابقة بعنوان في تعليق الشهادات على الجِدار. وصلتني رسالة لطيفة، أعتقد إنها تستحق النشر. هنا رد قارئة كريمة اسمها السيدة/ شيخة علي الخروصية: فيما يخص أهمية الشهادات المهنية سأحكي لكم عدة أحداث أو مواقف مررت بها لعلها تضيف شيئاً لكم. أحدثها أننا في قسمنا ممثلين المؤسسة بأكملها

للأعضاء عام

أقف حائرًا مرة أخرى أمام نصائح الانترنت

أفهم جيدًا أن معظم النصائح التي تأتي من أماكنٍ عشوائية من الإنترنت هي محل تساؤل. وأفهم جيدًا أن ليس كُل ما يُقال قابل للتصديق. ورغم هذا (الادعاء)، فإن شيئًا داخلي لا يستجيب بنفس القدر. أتأثر وأتحمس للبعض، وأستنكر تمامًا آخرين. أتابع عشرات الحسابات التي

أقف حائرًا مرة أخرى أمام نصائح الانترنت