عندما لا تكون خسائرنا بسبب فشلنا
عندما نتحدث مع أنفسنا، فيجب أن نستعين بالعقل. لكي ننجو، وننمو، ونكون أكثر رأفة.
يواسينا آلان دو بوتون في كتابه «قلق السعي إلى المكانة» عندما نواجه خسائر فادحة، وننظر إليها كفشل شخصي بقوله:
من المقلق بما فيه الكفاية أن يعتمد المرء في وضعه على عوامل عرضية [تنشأ له فجأة في حياته]. والأصعب من ذلك هو العيش في عالم مغرم بمفاهيم التحكم العقلاني لدرجة أنه استبعد إلى حد كبير «سوء الحظ» كسبب معقول للخسارة.
فنحن مجتمعات متحضّرة تؤمن أن الهزائم والخسائر هي محض تقصير شخصي، وقد لا تكون - كما نزعم - مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالحظ أو الظروف، مهما ادعينا إيماننا بذلك!
ويحكي عن ماركوس أوريليوس، الذي يقيم هزائمه وسقطاته بنفسه أمام نفسه بشكل عقلاني:
طوال كتابه «التأملات» (167 م)، كان الإمبراطور والفيلسوف ماركوس أوريليوس، الذي كان يتحرك في عالم السياسة الرومانية غير المستقر، يذكر نفسه باستمرار أن أي تعليق على شخصيته أو إنجازاته يجب أن يخضع لاختبار العقل قبل أن يسمح له بالتأثير في تصوره عن نفسه. وأصر على أن« [حسن سلوك المرء] لا يعتمد على شهادة شخص آخر»، متحديًا بذلك إيمان مجتمعه بتقييم الناس على أساس الشرف. «هل ما يُمدح يصبح أفضل؟ هل الزمرد يصبح أسوأ إذا لم يُمدح؟ وماذا عن الذهب والعاج والزهرة أو النبتة الصغيرة؟» بدلاً من أن ينخدع بمجاملات الآخرين أو يتأثر بإهاناتهم، كان ماركوس يهدف إلى أن يسترشد بالشخص الذي يعرفه عن نفسه: «هل سيحتقرني أي شخص؟ فليفعل ما يشاء. لكنني سأحرص على ألا أقول أو أفعل أي شيء يستحق الاحتقار».
عندما نتحدث مع أنفسنا، فيجب أن نستعين بالعقل. لكي ننجو، وننمو، ونكون أكثر رأفة.
أما مع الآخرين، فلا جدوى من إعمال العقل إن كُنا مقتنعين بأننا نعرض أنفسنا لتقييم ذاتي كل مدة.
لا ينبغي الخلط بين ترك تقييم قيمتنا لضمير فكري وتوقع الحب غير المشروط. على عكس الآباء أو الأحباء، الذين قد يقدروننا مهما فعلنا ومهما كانت أخطاؤنا كبيرة، يسعى الفلاسفة إلى تطبيق معايير على حبهم — ولكن ليس المعايير الهشة وغير المعقولة التي يهدد العالم بأسره باللجوء إليها.
النشرة الإخبارية
انضم إلى النشرة الإخبارية لتلقي آخر التحديثات.