العزلة تحميك من الوحدة
الوحدة إحساسٌ ضمني، لا يعبّر عن حاجة الإنسان إلى المزيد من الأشخاص، بل للحاجة إلى علاقات أعمق.
يمكن للإنسان أن يشعر بالوحدة وسط أصدقائه وعائلته، بينما قد لا يشعر من يملك بضعة أصدقاء مقرّبين بذلك بسبب عمق علاقته بهم. آخر يشعر أنه شديد الوحدة رغم أنه ينام بجوار شخص لسنوات، دون أن يملك معه اتصالًا حقيقي.
في الحقيقة، اكتشف جون كاتشيوبو، أحد أشهر الباحثين في مجال الوحدة، أنَّ الإنسان الوحيد يقابل تقريبًا نفس عدد الأشخاص الذيي يقابلونهم غير الوحيدين، المسألة ليست في نقص أو زيادة في عدد من حولنا.
العزلة شيء آخر، هي انقطاع اختياري، يحتاجه الإنسان من فترة إلى أخرى، يعيد حساباته فيها، يخطط لحياته، ويتأمل حاله ومستقبله، وبالطبع يحصل على وقت للتفكير العميق دون مقاطعة.
«عندما يقرر الإنسان ألَّا يفكر، فهو يقرر ألَّا يشعر بالألم. وعندما يؤجل مواجهة الألم، فهو يختار الحصول على ألم أكبر في المستقبل.» كما يشرح بيك؛ ويرتبط الألم بعدم القدرة على التفكير والتريُّث، في حين أن إحدى الطرق الفعّالة لينمو الإنسان في حياته –كما يقول مرة أخرى بيك– هي في تخصيص وقت منتظم للجلوس بهدوء دون مقاطعة للتفكير والتأمل، أو ما نُسمِّيه «العُزلة الاختيارية».
يشجع إيريك باركر في كتابه اللطيف «أن تلعب بشكل جيد مع الآخرين» على الحصول على بعض العزلة من وقتٍ إلى آخر، في سبيل إضفاء المزيد من الثراء على العلاقات الحالية. وطبعًا في محاولة جدية لتجنب إحساس الوحدة؛ فالارتباط الزائد عن الحد بالآخرين ربما يربك حياتنا، ويحولّنا إلى مستجيبين ومتفاعلين، بدلًا من ممتنين مبادرين لقيادة الحياة إلى اتجاهٍ أفضل.
العُزلة ضرورة مع تُخمة التواصل، مثلما أصبحت مشاكلنا الصحية سببها البدانة أكثر من نقص الموارد الغذائية.
النشرة الإخبارية
انضم إلى النشرة الإخبارية لتلقي آخر التحديثات.