تخطى الى المحتوى

استراتيجيات جديدة في التدوين

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف
2 دقائق قراءة

هذه المقالة خاصة للأحباء القدماء المخلصين بوقتهم وذهنهم لما يُكتب في هذه المدونة منذ أكثر من عشر سنوات.

أود أن أعطي نفسي الحق بتجديد اعترافي اليوم، أن المهمة الأصعب في التدوين ليس إيجاد الأفكار أو الإلهام أو البحث عن موضوعات تستحق الكتابة عنها، بل على العكس، أُواجه تحديًا كبيرًا معظم حياتي الكتابية يتشكّل في أن مخزون الأفكار والموضوعات المؤجّلة، أكبر بكثير من الوقت المتاح والجّهد الذي يمكن تخصيصه للكتابة عنها. ولذلك، أصبحت أعتذر منذ مدة طويلة عن قبول أي أفكار جديدة من أطراف خارجية، أو فرص تعاون كتابي مع أشخاص آخرين.

ولأنني وقّعت على ثلاثة التزامات كتابية طويلة الأمد (أخشى ألا أندم على هذا الاعتراف، وهذا الالتزام) فإن نصيب القارئ الكريم لهذه المدونة سوف يكون محدودًا. ولذلك، قررت تجربة شيء جديد، وهو أن أكتب عن حزمة موضوعات أود التطرّق لها في نهاية كل أسبوع، على أن تُجدول خلال أيام الأسبوع التالي بعد الكتابة.

وهنا بعض الملاحظات عن هذه الاستراتيجية:

1. لن يتعطّل خط سير الأفكار الخاص بالكُتب. فعندما يترك الكاتب الكتاب الذي يكتبه لفترة طويلة تصبح فيه الأحداث والشخصيات «أحداثًا وشخصيات، بدلًا من أُناس حقيقيين وأحداث واقعية» كما يُشير الروائي ستيفن كينج. وهنا سيكون التركيز كل يوم على الكتاب القادم، باستثناء اليوم المخصص للمقالات.

2. سيتبرمج العقل أن هناك يومًا ووقتًا محدداً خاصاً بالتدوين، وتغطية الموضوعات التي أود الكتابة عنها، بعيدًا عن الالتزامات الأخرى. لأن ذهن الكاتب هو أغلى ما يملكه، فإنه من الصعب عليه أن ينتقل من موضوع إلى موضوع كتابي آخر في اليوم نفسه، وهو الأمر الذي كُنت عليه طوال العشر سنوات الماضية، وهو في الحقيقة شيءٌ مرهق، لم أستوعبه إلا مؤخرًا، ولذلك قررت تجربة «الاستراتيجية الجديدة في التدوين».

3. لن أغيب على القارئ الكريم للمدونة. الذي أعده صاحب الأولوية القصوى لكل ما أكتب، لأنه يعاصر لحظات التفكير والأخطاء والتطور، كما يمكنه مناقشتي عبر الرد على القائمة البريدية، التي تعلّمت معها ألا أترك أي رسالة دون رد (قدر المستطاع).

4. كتابة المقالات هي مكافأة الكاتب المنضبط. هذا ما كُنت أحمس نفسي عليه طوال سنوات طويلة. لأن كتابة المقالات فيها تواصل سريع ومباشر مع القارئ، دون محاولة تنافس شرسة تجاه الكُتب الأخرى عندما أكتب الكتاب، وطبعًا تنوع الأفكار في التدوين يعطي نوعًا من الحماس غير الظاهر للقارئ. فكتابة الكُتب تعد في أصالتها ليست خطًا حماسيًا طويل المدى، فتمر كتابة الكُتب بلحظات ملل، أكثر بكثير من لحظات الحماس واللهفة على كتابة فصل أو جزء ما، كتابة الكُتب محدودة الموضوعات، أما التدوينات، فهي استجابة لأحداث الحياة.

5. التدوين مثل تمارين الاستطالة واليوجا. ليست بنفس القدر بأهمية تمارين القوى. إلا إنها مفيدة لتجهيز العضلات للسباقات والبطولات والتمارين الصعبة الأخرى. التدوين تمارين استطالة للمفردات والجُمل، والتركيز الطويل غير المنقطع.

عمومًا، أعتقد إنني وصلت لمرحلة مع قرّائي الأحباء إنني لا أخفي إلا الأمور الشخصية القليلة في حياتي، وما دون ذلك، فإنه يعرف ما يُخفي العقل والقلب من خلال الكلمات. والقناعات كانت قد تناثرت لفترات طويلة، أزعجت البعض، وأفرحت آخرين.

عن الكتابة

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.

تعليقات


المقالات ذات الصلة

للأعضاء عام

لماذا أصبح طلاب الأدب لا يقرؤون الأدب

.القراءة هي مهارة مكتسبة. لكن مرونة الدماغ تعمل في الاتجاهين: إما أن نستخدمها أو نفقدها

لماذا أصبح طلاب الأدب لا يقرؤون الأدب
للأعضاء عام

لا أحد يغار من الجهود التي تبذلها

أن تضحك على نفسك وتقنعها بغرامك في العمل، طريق أكثر اختصارًا

لا أحد يغار من الجهود التي تبذلها
للأعضاء عام

يجب ألا يتنكّر الإنسان لموهبته

لم أشاهد مقطعًا أربك حواسي ووجداني مثل هذا المقطع القصير لغازي القصيبي رحمه الله: «يجب ألا يتنكر الإنسان لموهبته».. لا يذكر التاريخ المناصب، بقدر تذكّره للأعمال الفكرية. غرِقت الشهر الماضي بين مهام عملية وشخصية أخرجتني عن سياق الحياة الروتينية. وها أنا أعود بشيء من بقايا الحِمل،

يجب ألا يتنكّر الإنسان لموهبته