تخطى الى المحتوى

في التعالي وقت الشِحتة

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف
1 دقيقة قراءة

لازلت أتأمل سلوك الآخرين كما أتأمل سلوك نفسي هذه الأيام من زوايا مختلفة. أكثر عنصر كان شديد لفت النظر لي هو عنصر: القناعة. أعرف شخصًا كان يملك في مثل هذه الأيام من العام الماضي رصيدًا وأصولًا مادية لم يكن يحلم بها في حياته، وفي هذه الأيام أصبح تقريبًا لا يملك شيء. نقص دخله تسعين بالمئة عمّا كان عليه. ليزداد فجأة اقتناعه بكل المُتع الصغيرة التي يملكها، وأصبح أكثر حرصًا على السعادة من المادة، وعلى العلاقات من المصالح. وطبعًا، مايكروسكوب استشعار الأمور الصغيرة الجميلة في حياته أصبح أكثر تركيزًا من ذي قبل.

استوقفني أمر هذا الكريم، والذي كنت أعتقد قبله أنني أعاني مثل الآخرين تحديات مختلفة. إلا أن سرعة استجابته وتأكيده لنفسه أن الحياة مستمرة كما هي، هي التي أعادت داخلي تأكيد تلك القناعة التي تقول: التحديات والمشاكل كما هي، لكن نظرتنا وتأثرنا منها هو الذي يختلف ويتفاوت.

قادني لإعادة الانتباه في نفسي وفي الآخرين، ولأنني في الحقيقة أشعر ببعض الملل والسلبية هذه الأيام، فقد اتجه تحليلي بأن أخشى أن الإنسان قد يجد نفسه حتى في مثل هذه الحالات المدقعة أفضل من غيره، ليقول «أنا أفضل منه، لأنني مقتنع ومُحِب لما عندي، وهو ليس كذلك!». ولازلت أرى -دون تعقيد- أن القناعة والتواضع، ينقلبون أحيانًا لقمة التعالي، خصوصًا إن كان وسط متعاليين من الأساس.

يصيب التعالي المتكبرين، نعم. ولكنه من المضحك أن يُصيب بعض الغلابة وغير المستوعبين لحالتهم. ولعل الإنشغال والإيجابية غير المستمرة (والتي تُشحن داخل صاحبها) قد تُشغِل المتعالي يومًا بيوم، حتى يكتشف أنه بالفعل كان عليه الانشغال والعمل على مشاريعه وجلب رزقه بدلاً من الأحكام.

سيكلوجيا الإنسان

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.

تعليقات


المقالات ذات الصلة

للأعضاء عام

لا يسأل المدربين لاعبيهم: ما الذي تشعرون به؟

هل يكون التعبير المفرط عن المشاعر واليقين بسوء النفسية (خصوصًا لدى اليافعين) مفيد، بنفس القدر الذي يجب فيه أن يحاولوا أن يتجاهلوه بالانسجام مع مسؤوليات حياتهم اليومية؟ لا نجد في عالم الرياضات التنافسية أن المدربين حريصين على استكشاف مشاعر متدربيهم بنفس القدر على حِرصهم لإنجاز جلسة التدريب التالية،

لا يسأل المدربين لاعبيهم: ما الذي تشعرون به؟
للأعضاء عام

لا يسأل الأطفال عن معنى هذه الحياة

«ما الذي يجعل الحياة جديرة بأن تعاش؟ لا يوجد طفل يسأل نفسه هذا السؤال. بالنسبة إلى الأطفال، الحياة واضحة بذاتها. الحياة غنيّة عن الوصف: سواء كانت جيدة أو سيئة، لا فرق. وذلك لأن الأطفال لا يرون العالم، ولا يلاحظونه، ولا يتأملون فيه، ولكنهم منغمسون بعمق في العالم لدرجة أنهم

لا يسأل الأطفال عن معنى هذه الحياة
للأعضاء عام

مكان الغرباء والأحلام خلف الجميع

في عام الكورونا، زرت هذا المكان أكثر من أربع عشرة مرة. لا أحد أعرفه زاره بنفس القدر.

مكان الغرباء والأحلام خلف الجميع