تخطى الى المحتوى

عن المرأة التي تتعامل مع رجل مشتت: مقال ساخر

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف
1 دقيقة قراءة
عن المرأة التي تتعامل مع رجل مشتت: مقال ساخر
Photo by Tiff Ng from Pexels

«داخل حمَّامات مطار أمستردام، وضعوا مُلصقًا صغيرًا أشبه بذبابة في منتصف كل مبولة، وبعدها تغيَّرت الأحوال كثيرًا إلى الأفضل، فقد بدأ الرجال يستهدفون هذه الذبابة أثناء التبول، مما حسَّن دقة التصويب وقلل تناثر البول، وخفض تكاليف نظافة الحمامات إلى الربع.»

كان هذا الاقتباس في مطلع «الباب الرابع» من كتاب «من علّم عبد الناصر شرب السجائر؟» للكاتب المصري الساخر اللطيف، عمر طاهر.

ويكمل: «تستحق التقدير المرأة التي تمتلك مهارة التعامل مع هذا الكائن المشتت، [المرأة] القادرة على إدارة العلاقة مع كائن يرتبك وهو يمارس فعلًا غريزيًّا، يضعون له علامات لإنقاذ العالم حوله من الطرطشة، فما بالك به وهو يُعبر عن أي مشاعر أخرى أكثر تعقيدًا؟»

يعرّف الكاتب ضمن تعريفاته كلمة «خِرِع» وهي كلمة مصرية متداولة عند بعض أهل الحجاز بوصفه: «هو الشخص المندهش المنبهر بالأحداث لدرجة أنه لا يحسن التصرف معها»، وهي صفة -إن استرجعتها المرأة في حياتها مع أي رجل- ستجدها متكررة في حالات كثيرة. وقد قالها الكاتب معلّقًا على ذكاء بعض النساء الذي يصل بها إلى قدرة عالية في ابتكار أوصاف أو ألقاب تجاه كائنهم المشتت كل فترة، إحداها هذه الكلمة، متفادية كلمات «تسم البدن».

شخصيًا، أجد أن من الذكاء والحكمة أحيانًا إيصال القدر الكافي من التهزيء في المواقف الحياتية مع كل شخص ارتأينا استحقاقه لذلك، وطبيعتنا البشرية المتطورة هذه الأيام تحصر موضوع التهزيء في خانة إلقاء الكلمات فقط (أفضلها طبعًا الحوار البنّاء) لنصل بها إلى الحد الذي «يصحصح» الطرف الآخر ولا يجرح كرامته، فبالتأكيد لا يجب أن نضرب أو نشتم.. هذا إن كان هناك أصلًا داعٍ للتهزيء.

ذكاء المرأة مع رجلها المشتت كما يصف طاهر لا يخرج عما قاله «جون كلير» بأن «طموح كل رجل أن يصل إلى قبره دون لحظة إحراج واحدة». وهذا الكلام واقعي إلى حدٍ كبير. فلا تزال «الأنا» والبرستيج الرجولي غير المعلن هو المحرك لـ ٩٨٪ من تصرفات الرجال في هذا العالم، وإن أحسنت الآنسات التعامل مع هذه الحقيقة، فهي قد أحسنت التعامل مع كل شيء تقريبًا في هذا العالم.

بلغة أخرى، إن أحسنت المرأة التهزيء (وقت الحاجة) متجنبة: الفجور، والتجريح، وقلة الأدب، وعدم مساس الأنا، في نفس الوقت الذي يجعل رجلها المشتت «مصحصحًا»، غير مستحقً للتهزيء مستقبلًا، فهي في طور النوابغ.

كان الله في عون الجميع.

سيكلوجيا الإنسان

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.

تعليقات


المقالات ذات الصلة

للأعضاء عام

لا يسأل المدربين لاعبيهم: ما الذي تشعرون به؟

هل يكون التعبير المفرط عن المشاعر واليقين بسوء النفسية (خصوصًا لدى اليافعين) مفيد، بنفس القدر الذي يجب فيه أن يحاولوا أن يتجاهلوه بالانسجام مع مسؤوليات حياتهم اليومية؟ لا نجد في عالم الرياضات التنافسية أن المدربين حريصين على استكشاف مشاعر متدربيهم بنفس القدر على حِرصهم لإنجاز جلسة التدريب التالية،

لا يسأل المدربين لاعبيهم: ما الذي تشعرون به؟
للأعضاء عام

لا يسأل الأطفال عن معنى هذه الحياة

«ما الذي يجعل الحياة جديرة بأن تعاش؟ لا يوجد طفل يسأل نفسه هذا السؤال. بالنسبة إلى الأطفال، الحياة واضحة بذاتها. الحياة غنيّة عن الوصف: سواء كانت جيدة أو سيئة، لا فرق. وذلك لأن الأطفال لا يرون العالم، ولا يلاحظونه، ولا يتأملون فيه، ولكنهم منغمسون بعمق في العالم لدرجة أنهم

لا يسأل الأطفال عن معنى هذه الحياة
للأعضاء عام

مكان الغرباء والأحلام خلف الجميع

في عام الكورونا، زرت هذا المكان أكثر من أربع عشرة مرة. لا أحد أعرفه زاره بنفس القدر.

مكان الغرباء والأحلام خلف الجميع