تخطى الى المحتوى

عن قدرتنا على التسامح

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف
1 دقيقة قراءة
عن قدرتنا على التسامح
Photo by Christopher Sardegna / Unsplash

يعيد الشاعر والفيلسوف ديفيد وايت تأطير التسامح بقوله:

«عندما تسامح الآخرين، فقد لا يلاحظون ذلك، ولكنك ستُشفى. إن الغفران ليس شيئاً نفعله من أجل الآخرين؛ إنه هدية لأنفسنا … التسامح هو قبول الاعتذار الذي لن تحصل عليه أبدًا».

أتحدث مع صديقي الهادئ قبل سنوات عن والده الذي لاحظ في سلوكه هدوءً أكبر – كان قد ورث بعضًا منه – لم يكن يلاحظه فيه في شبابه، وعند محاولته لاكتشاف أكبر تغيير طرأ عليه، لم يستطع أن يخرج عن فهمه.. بأن والده كان قد تبنّى قيمة واحدة جديدة في حياته فقط: التسامح تجاه الآخرين.

ويحكي لي: «عندما أسأله عن أي شخص كان قد أضرْ به أو أحزنه في الماضي، يخبرني فورًا أن ذلك الشخص مسكين ويستحق أن يُسامَح؛ وربما كان لديه ما يبرر له إضراره بي في الماضي، تبنيه لقيمة التسامح في حياته، جعلته أكثر من أي وقتٍ مضى يعيش في سلام حقيقي، أصبح هادئًا، ولينًا، والأهم أنه مستمتع بحياته. شخصيًا كُنت أواجه صعوبة في فهمه. وربما تكون صعوبتي منبثقة من روح الحماس الشابة داخلي، فالحيوية والعُنف والايمان بقدرتي على الاقتصاص هي ما تحرّكني، أكثر بكثير من رغبتي في تبني قيمة التسامح، تجاه نفسي أولًا واتجاه الآخرين. إلا إنني اليوم أعرف أن هناك مكافأة تأتي بعد تبني التسامح وهي: راحة البال».

ربما لم يستطع صديقي أن يؤطر فكرة أن التسامح – عند القدرة – هي التمثّل الأعلى للقوة. لم يعِ أن قبول الاعتذار الذي لم يأتِ من الآخرين هو في الحقيقة أعلى سمات الإنسانية، وهو تشكيلٌ أصيل لما يملكه الإنسان من قوة.

سيكلوجيا الإنسانشؤون اجتماعية

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.

تعليقات


المقالات ذات الصلة

للأعضاء عام

عن العيش كشخص عادي في المنتصف

أحد أصدقائي العزيزين والمسؤولين في شركة «المحتوى» في البودكاست أخبرني الجملة التالية: «أداؤك عادي، ولا تملك قبولًا كبيرًا كمستضيف». لم يقل أداؤك سيئ، ولم يقل أداؤك خارقاً للعادة، قال بما معناه: «أنت مستضيفٌ عادي». «العادي».. هو شكل معظم حياتي. وهو موضوعي اليوم. وُلدت أصغر إخوتي، ولكنني اعتدت

عن العيش كشخص عادي في المنتصف
للأعضاء عام

عندما فقدت ابني سألت نفسي: لماذا نحن هنا؟

مقالة ضيف

عندما فقدت ابني سألت نفسي: لماذا نحن هنا؟
للأعضاء عام

لا يسأل المدربين لاعبيهم: ما الذي تشعرون به؟

هل يكون التعبير المفرط عن المشاعر واليقين بسوء النفسية (خصوصًا لدى اليافعين) مفيد، بنفس القدر الذي يجب فيه أن يحاولوا أن يتجاهلوه بالانسجام مع مسؤوليات حياتهم اليومية؟ لا نجد في عالم الرياضات التنافسية أن المدربين حريصين على استكشاف مشاعر متدربيهم بنفس القدر على حِرصهم لإنجاز جلسة التدريب التالية،

لا يسأل المدربين لاعبيهم: ما الذي تشعرون به؟