عن قدرتنا على التسامح
يعيد الشاعر والفيلسوف ديفيد وايت تأطير التسامح بقوله:
«عندما تسامح الآخرين، فقد لا يلاحظون ذلك، ولكنك ستُشفى. إن الغفران ليس شيئاً نفعله من أجل الآخرين؛ إنه هدية لأنفسنا … التسامح هو قبول الاعتذار الذي لن تحصل عليه أبدًا».
أتحدث مع صديقي الهادئ قبل سنوات عن والده الذي لاحظ في سلوكه هدوءً أكبر – كان قد ورث بعضًا منه – لم يكن يلاحظه فيه في شبابه، وعند محاولته لاكتشاف أكبر تغيير طرأ عليه، لم يستطع أن يخرج عن فهمه.. بأن والده كان قد تبنّى قيمة واحدة جديدة في حياته فقط: التسامح تجاه الآخرين.
ويحكي لي: «عندما أسأله عن أي شخص كان قد أضرْ به أو أحزنه في الماضي، يخبرني فورًا أن ذلك الشخص مسكين ويستحق أن يُسامَح؛ وربما كان لديه ما يبرر له إضراره بي في الماضي، تبنيه لقيمة التسامح في حياته، جعلته أكثر من أي وقتٍ مضى يعيش في سلام حقيقي، أصبح هادئًا، ولينًا، والأهم أنه مستمتع بحياته. شخصيًا كُنت أواجه صعوبة في فهمه. وربما تكون صعوبتي منبثقة من روح الحماس الشابة داخلي، فالحيوية والعُنف والايمان بقدرتي على الاقتصاص هي ما تحرّكني، أكثر بكثير من رغبتي في تبني قيمة التسامح، تجاه نفسي أولًا واتجاه الآخرين. إلا إنني اليوم أعرف أن هناك مكافأة تأتي بعد تبني التسامح وهي: راحة البال».
ربما لم يستطع صديقي أن يؤطر فكرة أن التسامح – عند القدرة – هي التمثّل الأعلى للقوة. لم يعِ أن قبول الاعتذار الذي لم يأتِ من الآخرين هو في الحقيقة أعلى سمات الإنسانية، وهو تشكيلٌ أصيل لما يملكه الإنسان من قوة.
النشرة الإخبارية
انضم إلى النشرة الإخبارية لتلقي آخر التحديثات.