أونكل جاك – الجزء الأول: مقالة ساخرة
(هذه الأحداث مستوحاة من قصة حقيقية)
بعد أن تزوج صديقي من زوجته الإنجليزية التي ترعرعت في جدة، استطاعت إقناعه بزيارة «أباها بالتعميد» أو الـ Godfather المقيم في لُندن، للسلام والتبرّك به ولمكانته الكبيرة التي توازي مكانة والدها البيولوجي. كان العم جاك «Uncle Jack» ضابطًا بريطاني متقاعد ذو صنّة ورنة في مجتمع لندن، يملك نفوذًا واحترامًا كبيرين لسنه ومنصبه وسمعته الحسنة، حتى جاء صديقي وزوجته لزيارتهم.
عندما وصلوا إلى منزله بعد فترة بسيطة من انتهاء شهر العسل، والذي كان مقررًا أن يتم السكن فيه لشهرين قادمة مع بقية الأسرة المُحبة، أوقف صديقي سيارته المستأجرة (الفخمة) أمام المنزل. وهو يُنزِل الحقائب ريثما تذهب زوجته لدق الجرس واحتضان أباها الروحي وعائلته، لفت نظره وجود شجرة ضخمة على رصيف المنزل، كانت مائلة بشكل غريب، لسببٍ ما لم يغب ميلانها عن ذهنه، وبعد أن أتم السلام واستقبل الترحيب ثم العشاء ثم إلى سرير النوم، كان لا يزال يفكر في ميلان الشجرة الواقفة بمحاذاة سيارته خارج البيت، استطاع النوم أخيرًا بسبب الإرهاق، ليستيقظ في اليوم التالي ولا يزال أمر الشجرة مستفزًا عقله «لماذا هي مائلة بهذا الشكل؟».
قرر وبدافع المودة وإظهار امتنانه لنسبائه الإنجليز أن يُصلِح ميلانها. وفي الصباح مع وقت الإفطار ذهب إلى الخارج وتأمل حال الشجرة واضعًا خُطة في عقله لإصلاح حالها الذي لم يقم به الجنرال وأسرته. تلخّصت الخُطة بربط الشجرة بحبل من جهة، ومن الجهة الأخرى يُربط في «هنجر» السيارة من أسفل الصدّام، ليتحرّك بهدوء في الاتجاه المعاكس..
وما هي إلا لحظات حتى تنكسر الشجر من الوسط وتقع بالضبط على منتصف سقف السيارة لتهشِّم السقف مع الزجاجين الأمامي والخلفي وتتحول السيارة في لحظات إلى كتلة خُردة بعد أن كانت مرسيدس، ليهرع كل من في البيت إلى الخرج بعد سماعهم دوي الانكسار، ويجدوا صديقي واقفًا يوزّع نظراته بينهم وبين سيارته الفخمة المستأجرة والتي سيتحمل التأمين تكلفة إصلاحها بسبب «الظروف الطبيعية» كالأمطار أو الأعاصير ووقوع أشياء عليها لا يمكن أن تقع في الظروف الطبيعية الحقيقية، ويقومون هم بتوزيع النظرات المصدومة بين ابنتهم وعريسها الفذ.
كان الفضول موزعًا بالتساوي على كل من حضر المشهد، فهو قد سبق الجميع بفضوله بعدم ترك هذه الشجرة بهذا الحال ربما لسنوات، والأسرة قادت فضولهم عن هذا المخلوق الذي أتى وتصرف من عقله في شيء لا يخصه في أول يوم للزيارة، بينما أونكل جاك كان قاده الفضول لمستوى جديد، جعله يتساءل كيف ستعيش ابنته بقية حياتها مع هذا المؤشر البسيط الذي حصل أمامه؟
وبالطبع لم يستوعب أونكل جاك أن بداية الغيث قطرة، وأن المصائب في الحقيقة تتكدّس أحيانًا لتأتي دفعة واحدة خلال وقتٍ قصير.
بقية القصة في المقالات القادمة.
النشرة الإخبارية
انضم إلى النشرة الإخبارية لتلقي آخر التحديثات.