تخطى الى المحتوى

التسويق يُكرهنا بما نملك

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف

استشهاداً بمقالة سيث جودين مؤخراً … أسأل اليوم السؤال التالي:

  • هل يُحببنا المسوقين فالمنتجات الجديدة، أم يُكرهوننا للمنتجات القديمة التي نملكها؟

الجوالات الجديدة، السيارات الجديدة، وكل ما يرتبط بكلمة “جديد” !

كُنا نرمي ٣٠٪ تقريباً من المنتجات الإستهلاكية عند بداية تأسيسنا لمنزل العائلة، مُعظمها كان يُقنعنا مسوقيها بشرائها عندما نكون في السوبر ماركت لتنتهي إلى سلة المهملات أخيراً.  لكن هذه حالة … والحالة المرادفة هي أن أجعلك كمسوق تكره ما تملك أو لأزيل قناعتك بأن ما تملكه يستحق المزيد من الوقت ليكون معك! …

نفسياً … هل ترغب بشراء جوال آيفون ٦ وأنت تملك ٥؟ الجواب: تعم بالتأكيد حتى لو اقتنعنا أنا وأنت أن ٥ لا يستحق أن تتخلص منه فهو صالح للإستخدام …. ولعل ما يفصل الرغبة عن عدمها فقط قرار بسيط بالشراء.

أجد أن المسوق (الشاطر) أصبح لا يسعى أن يُقنعك بالجديد فقط، بل ليكرهك بما تملك بالفعل حتى دون وجود رسائل مباشرة… لذلك أصبح تسارع المنتجات الجديدة أكبر من أي وقت مضى، بل تطور هذا المفهوم لينعكس عليك كمستهلك من ناحية نفسية، (أُنظر للصور التالية):

annbloodytaylor

هل لاحظت الفرق بين الصورتين؟ … حسناً، هذه الصورتين التقطت لأحد عارضات ماركة الملابس المعروفة Ann Taylor عام ٢٠١٠، وجدت أن دقة التعديل فصور العارضات وصلت إلى حد لا يستهان به بالفعل… فالصورة اليُسرى هي الصورة الحقيقية للعارضة دون أي تعديلات (وفالحقيقة لا أجد أي ملاحظات جذرية تستحق التعديل!) فمقابل الصورة المعدلة في الجهى اليُمنى … قام المصمم فالصورة على تعديل: شد البنطلون + تنحيف العارضة من جهة البطن + إزالة بعض التجاعيد. وأجد أن الصورة اليُمني تحمل رسالة غير مباشرة لأي سيدة/آنسة تقول فيها: أريد أن أقنعك أولاً أن الجسد الذي تملكيه ليس الصحيح … بل هذا هو الجسد الصحيح … عموماً هذه بعض ملابسنا، وشكل عارضتنا … عليك أن تكوني مثلها!

وعودة على نقطة التسارع …

لاحظت هذا الأمر علي مجموعة من العلامات التجارية التي عودت عملائها على اتجاه محدد غير قابل للتغير بسهولة، لتصبح الآن أكثر من أي وقت مضى راغبة فصناعة تغيير (غير جذري) لنفسها.

لويس فيتون … بورش … وماكدونالدز يمكن إسقاطها على هذا الأمر.

أصبحت تصاميم منتجات لويس فيتون في السنوات الخمسة الأخيرة أكثر جراءة من الخمسين سنة الماضية التي صنعت خلالها سمعتها وعملائها، لا أعلم إن كانت هذه الخطوة صحيحة، فلست في نهاية الأمر أحد المسوقين الشُطار، لكن إضافة ألوان جريئة بشكل متزايد وخصوص على الشنط أمر يحير قليلاً.

وانشغلت بورش خلال الأعوام القليلة الماضية فدخول سوق سيارات الدفع الرباعي مع “كايين” وماكان” … وخلالها تضمن الأمر إصدار فئة “البانيميرا”، والتي لم يتعود عليها عملائها خلال العقود الماضية.

أعلم جيداً سبب اتخاذ ماكدونالدز خطوات جرئية واضحة بتأسيس “ماك كافيه” فجميع أنحاء العالم إضافةً لإدخال عدة أصناف من القهوة لقائمتها في فروع المطاعم والتي تغييرت ديكوراتها هي الأُخرى إلي حد كبير في السنوات الأخيرة.  وهنا أرجع السبب لموجة محاربة الوجبات السريعة في العالم والتي بدأ انتشار ثقافتها منذ خمسيسنسات القرن الماضي، لتحاول ماكدونالز جدياً في هذا الأمر إقناع زوارها بأن المطعم سيصبح كافيه … أو يُقدم منتجات الكافيه عوضاً عن الوجبات السريعة… وبالطبع لن ننسى الحادثة الشهيرة للأمير تشارلز عندما خرج للإعلام ليقول: “ماكدونالدز يجب أن يُحظر عن الناس”.

كل مايجمع هذه الماركات في فقرتي هو كلمة: “التسارع” للتغير وربما … لأقناع الزبائن أن ماتعودوا عليه قد أصبح قديماً.

وأضيف سؤالاً هنا … هل هذا التسارع فالمنتجات والتسويق عموماً يهدف لزرع مفهوم: اترك ما تملكه … فقد أصبح قديماً، واشتري ما نعرضه عليه لأنك تحتاجه …ربما.

غرضي اليوم ليس لأقناعك برسالة ما، لكن لأجعلك تفكر ولو قليلاً خلال قراراتك القادمة أمام خصومك من المسوقين، ودعني أكون صريحاً بعض الشيء، شخصياً … أعاني مؤخراً من رغبة امتلاك الأشياء الجديدة، ليس لأني أحتاجها بالفعل، بل لأني أعيُني أصبحت لا ترى إلا العيوب في كل ما أملكه، وكل المميزات في الأشياء الجديدة … وربما قد تجاوزت هذا الموضوع فقط عند شرائي لجوال htc مؤخراً بسبب وفاة جوالي السامسونج دماغياً قبل بيعه… عموماً الفكرة شدتني بعد أن اكتشفت تأثري منها … لأعرض هذا الأمر عليك هُنا الآن.

وربما سيكون للحديث بقية في هذا الشأن.

سيكلوجيا الإنسانعن العمل وريادة الأعمال

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.

تعليقات


المقالات ذات الصلة

للأعضاء عام

تريد سرًا كبيرًا من أسرار الإنجاز؟

عليك بالكلاحة

تريد سرًا كبيرًا من أسرار الإنجاز؟
للأعضاء عام

لا يسأل المدربين لاعبيهم: ما الذي تشعرون به؟

هل يكون التعبير المفرط عن المشاعر واليقين بسوء النفسية (خصوصًا لدى اليافعين) مفيد، بنفس القدر الذي يجب فيه أن يحاولوا أن يتجاهلوه بالانسجام مع مسؤوليات حياتهم اليومية؟ لا نجد في عالم الرياضات التنافسية أن المدربين حريصين على استكشاف مشاعر متدربيهم بنفس القدر على حِرصهم لإنجاز جلسة التدريب التالية،

لا يسأل المدربين لاعبيهم: ما الذي تشعرون به؟
للأعضاء عام

في تعليق الشهادات على الجِدار

يعترف لي صديقي العزيز قبل أيام، أنه بعد قراءته لكتاب «وهم الإنجاز»، قام بإزالة كل الشهادات التي حصل عليها في حياته المهنية من الجدار خلف مكتبه. ويعتقد مازحًا إنني كُنت سببًا لكسر فرحته بها. صديقي هذا من خيرة الشباب الناجحين (وشديدي التهذيب)، وبعد أن اعترف، أخبرته بصدق