تخطى الى المحتوى

الكتابة: ما تأكل عيش!

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف

    قبل يومين في حفل تيدكس … وتحديداً في الإستراحة الثانية للحفل دار بيني وبين أخي ياسر بهجت (الجندي المجهول وراء إصدار روايتي حوجن وهناك لأخي إبراهيم عباس) الحوار التالي:

– ياسر … يأخي الكتابة ما تأكل عيش! يسهر الكاتب على كتابة كتابه “ويتناحل” مع دور النشر، وربما يقبلون توزيع كتابه في وقت قياسي وربما لا يوزع … كله حسب المزاج … ولا يوجد أي معايير واضحة في هذا الأمر، وفي النهاية إن كان محظوظاً سيحصل على ١٠٪ من إجمالي المبيعات! في مقابل حصول الكاتب الغربي على دفعة مقدمة من دور النشر حوالي ٥،٠٠٠ دولار إن تم قبول كتابه، طبعاً دون ذكر حرصهم الكبير على حُسن إخراج شكل الكتاب وعلى  توزيعه في كل مكان.

– شوف يا أحمد … منذ أول يوم دخلنا فيه هذا العالم مع رواية حوجن، ونحن نسمع دور النشر والمكتبات والكُتاب يشتكون من نفس الأمر (لا يوجد أرباح في هذه الصنعة)، تدّعي مُعظم المكتبات بأنها بالفعل لا تحصل على أي مردود مادي جيد من بيع الكُتب رغم أنها تحصل على ٥٠٪ من قيمة أي كتاب يوضع على رفوفها دون أخذ أي مخاطرة بشراء أي كتاب من كاتب أو دور نشر … بل أن أقل محاولة تفاوض على نسبة أرباح أي كتاب ستدفع بك وبكتابك خارج المكتبة.  لكن كل قناعتي أن هذا الأمر غير صحيح إطلاقاً!

وأضاف … ٥٠٪ مكسب من قيمة الكُتب لكل مكتبة، في مقابل ٥٪ – ١٥٪ من قيمة أي سلعة أخرى تُباع في المكتبة، بالتأكيد سترجح المعادلة لكفة الكُتب كمصدر ربح جيد، وفي حسبة بسيطة لا يمكن لعقلنا أن يعي أن هذا الأمر بالفعل “ما يأكل عيش” للمكتبات على أقل تقدير! … بل يشتكي معظم (إن لم يكونوا كل) الكُتاب على علاقتهم بدور النشر المختلفة، وشطاراتهم المستمرة في صياغة العقود التي تتجه بشكل شبه واضح لكفة الدار وليس للكاتب أبداً.

– ماذا يعني هذا الأمر؟!

– يعني إن آمنت أنها مؤامرة … فهي قد تكون كذلك! (فيما فهمته من كلامه). الكاتب يشتكي من عدم وجود دخل كافي ليعيش مع عشقه الأبدي وهو الكتابة! … والدار الحزينة تشتكي من عدم تمكنها من بيع معظم الكُتب (وهي قد تكون مستمرة في هذه الصنعة منذ ثلاثة عقود) .. والمكتبات !!! … آه يكفي ذلك!

تعليقي: أشرفت على كتابة، وطباعة ونشر أول نسخة بنفسي من كتاب: ثورة الفن … خلال وقت قياسي وعلى حسابي الشخصي، ودعني أعترف أن هذا الحل رغم مجهوده العالي كان أكثر أماناً وراحة بالنسبة لي من التعامل مع أي دور نشر (هذا بالطبع لا يعني بالضرورة عدم تعاملي نهائياً مع أي دور نشر في المستقبل) وربما لا يستطيع أي كاتب ببساطة تحمل هذا المجهود أو كلفة الطباعة، لكن أعتقد أن الحل لعلاج هذه المؤامرة لكل كاتب يكمن في بعض الخطوات:

  1. الإتجاه لتوزيع الكتاب بنسخته الإلكترونية.
  2. اعتبار طباعة الكتاب على نفقة الكاتب استثمار أكثر من اعتباره خطوة إلزامية لنشر الكتاب، وبالطبع إيمان الكاتب بأنه أفضل من سيسوق للكتاب، وهنا أجزم أن علاقاته بنقاط التوزيع ستتوسع مع الوقت.
  3. امتلاكه لحقوق الكتاب دون أي تلاعب من جهات أُخرى.
  4. الطباعة تحت الطلب مع أمازون (Print on Demand).
  5. استراتيجية تسويقية جديدة رائعة تم تطبيقها من خبير التسويق سيث جودين في كتابه القادم، وهي نشر الكتاب بشكل طولي: وهي ببساطة استبدال توزيع الكتاب على المكتبات، باتفاقه مع قُرائه على رغبتهم بالحصول على الكتاب (بسعر مميز) وضمان إيصاله لمكان تواجدهم (علاقة مباشرة بين الكاتب والقارئ دون وجد أي جهة في الوسط).

عن الكتابة

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.

تعليقات


المقالات ذات الصلة

للأعضاء عام

عن روتين وغزارة كتابات تيلور كوين

لشخص في مثل حالتي يصارع الوقت والظروف للبحث عن ساعات متفرّقة للنضباط في الكتابة، أجد نفسي مفتونًا بأسلوب وغزارة انتاج الاقتصادي المعروف والمحبوب تيلر كيون في الكتابة. يكتب أكثر من مقالة يوميًا منذ أكثر من عشرين سنة، إضافة إلى عشرات الكُتب التي قام بنشرها. لا يتوقف

عن روتين وغزارة كتابات تيلور كوين
للأعضاء عام

كيف نتعامل مع توسّلات من سيموتون قريبًا؟

مع قرب الألفية الماضية، حصل حادث مأساوي للروائي الشهير ستيفن كينج، وصف تأثيره: «أصبحت مشيتي مختلفة عمّا كانت عليه من قبل»، وأصبح أيضًا كما قال في مقدمة الجزء الأول من سلسلته «برج الظلام»؛ أكثر تأملًا في مسألة التقدّم في العُمر، التي كان عقله يتقبّلها

كيف نتعامل مع توسّلات من سيموتون قريبًا؟
للأعضاء عام

المدونة بحلّتها الجديدة

أحيانًا يحتاج الإنسان أن يورّط نفسه بوعود غريبة لكي يتمكّن من إخراج نفسه بسلام من هذه الوعوُد، من أجل أن يضمن الإنجاز. وأحيانًا يحتاج أن يحوف نفسه بمن يساعدوه على تحقيق الوعود التي قطعها على نفسه. مثل وعدي أن أتوقّف عن الكتابة - والتي

المدونة بحلّتها الجديدة