تخطى الى المحتوى

تفاعلات القرّاء

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف
2 دقائق قراءة

هنا بعض التأملات عن القرّاء.

  1. لأن حِرفة الكتابة تتسم بشكلٍ عام بالوِحدة، فإن الكاتب – أي كاتب – على ما أظن، يستمتع جدًا بتفاعل القرّاء معه في الحياة الواقعية، وعلى الإنترنت (أُفضّل أن أستثني تعليقات التواصل الاجتماعي لأنها غالبًا ما تكون خارج السياق العقلاني للتفاعل؛ سلبًا أو إيجابًا).
  2. عندما أحاول النظر إلي السبب الوحيد والحقيقي الذي يجعل الكاتب (على الأقل في حالتي) يستمر في الكتابة دون توقف هو: تفاعل القرّاء. ليس المال، ولا الشهرة، والمكانة، ولا أقول إنها أمور غير مهمة، ولا تُحاكي قلب أي شخص، إلا إنها لا تعادل في كفة الميزان وزن تأثير التفاعل عمّا كُتب أو ما تم قراءته من القارئ. لا شيء يُسعدني مثل أن أستقبل تعليقًا من أحد القرّاء على الإيميل.
  3. يعيشُ الكاتب بعد النقطتين الأولى نوعًا من الزهو يحتاج معه أن يذكر نفسه باستمرار أن لا قيمة له دون قرّاء مخلصين، يتواضع لهم، ومن أجلهم، ومن أجل أجله، وعليه تثقيف وتطوير نفسه باستمرار لكيلا يُصبح رخيصًا في تعاطيه للأمور. وأعتقد أن الخبرة تلعب دورًا كبيرًا هنا، فيصِل الكُتّاب إلى سلامٍ واستيعاب داخلي لحجمهم الحقيقي بعد مدة، ولا يحرصون على إثبات عكس ذلك بنفس درجة الحماس الموجودة في البدايات.
  4. يظل القارئ صاحب رهبة. وهنا قصة قصيرة: أصابني قبل أيام نوع من البؤس الشديد والحُزن الكبير في أثناء تسجيلي صوتيًا لكتابي الأخير «كله خير: كتاب ساخر لحياة أسهل»، حيث كُنت أقرأ بصوتٍ عالٍ ما كتبته -لأول مرة- ولمدة عشر ساعاتٍ متواصلة حتى انتهاء التسجيل. لأكتشف في أثناء القراءة أن هناك جملًا غير صحيحة التركيب، وبعض الأخطاء المطبعية التي سقطت سهوًا من قِبل مدققي اللغوي العزيز، وهذا أمرٌ طبيعي في الحقيقة، إلا إنني شعرت بخجلٍ بالغ، شككني في كل جهودي الكتابية السابقة، وقد تخيّلت شكلي، وأنا أمام قارئ مخلص، وهو يعلّق على تلك الأخطاء المحرجة، التي كما أرى، ليس هناك لها حلٌ سحري بعد كل هذه السنوات من الكتابة.
  5. يخشى الكُتاب عمومًا عدم ارتقاء كتاباتهم المستقبلية مع ما فضّله القارئ لهم، وهذا أمرٌ مربك قليلًا، فليس من المعقول أن يتوقف الكاتب عند هذه النقطة من الخوف، ولا يمارس ما تعاهد به مع نفسه من ممارسة للكتابة، ومن غير المعقول أن يخذل قارئه المفضل (ولو شكليًا) بسبب التوقف، وهذا ما يجعل الحِرفة بصراحة، تزداد في صعوبتها أكثر من سهولتها.

كان الله في عون الجميع.

عن الكتابة

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.

تعليقات


المقالات ذات الصلة

للأعضاء عام

ما أعرفه على وجه اليقين (ملفات القرّاء رقم ١)

هنا بداية مشروع سلسلة مقالات ستُخصص للإجابة على أسئلة القرّاء.

ما أعرفه على وجه اليقين (ملفات القرّاء رقم ١)
للأعضاء عام

أسئلة القرّاء (أو ملفّات القرّاء)

لم تأتيني فكرة إشراك القارئ المخلص لهذه المدونة أو لأيٍ من كُتبي طوال الإثني عشرة سنة الماضية. ربما لأن الأساس هو محاولة إخبار القارئ الكريم ما أود قوله والكتابة عنه، وبصراحة لم أعاني يومًا مما يُسميه بعض الكُتاب «حبسة الكتابة» أو الـ Writers Block. وقد وقعت

أسئلة القرّاء (أو ملفّات القرّاء)
للأعضاء عام

كل الكُتاب فاشلون

رجال الأعمال ليسوا سوى هواة للفشل، وقد اعتادوا على هذه الفكرة. أمّا الكتاب هم المحترفون الحقيقيون.

كل الكُتاب فاشلون