تخطى الى المحتوى

عربة التسوق والتمرد ٢/٢

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف

تعقيباً على المقالة السابقة “عربة التسوق والتمرد”

عندما حاول صاحب السوبر ماركت “السيد جولدمان – ١٩٣٦” إقناع زبائنه بضرورة استخدام إختراعه الجديد “عربة التسوق” … كانت بالفعل ردة الفعل سلبية من الزبائن للدرجة التي امتنع عنها معظمهم من اقتنائها كم وضحت في المقالة السابقة.

لكن أود التطرق لنقطة مهمة فاتتني حقيقةً  وهي … أن جولدمان بعد أن واجه ردة الفعل السلبية، لم يجد أي مبررات منطقية لهذا التفاعل السلبي من قبل الزبائن، بل أن اقتناعه بأن ردة الفعل كانت تقريباً نفسية ومصاحبة بالتأثر من نظرة الآخرين اتجاه أنفسهم. فقد اتخذ بعدها خطوة جريئة باستإجاره لعدة أشخاص “ممثلين” من مختلف الأعمار والأجناس ليتسوقوا مستخدمين عربة التسوق.

وعند دخول أي زبون جديد آن ذاك … كان سيجد أحد السيدات فاستقباله لتقول: هل تريد استخدام عربة التسوق الجديد؟ … انظر فالجميع يستخدمونها!

*****

نعم … لعل اقتناع جولدمان المُفرط بضرورة استخدام هذه العربة اضطره لإيصال الفكرة باستخدام وسائل ملتوية، والسبب ببساطة استخفافه (وعدم اقتناعه) بردة الفعل السلبية من الزبائن.

أُعلق هنا شخصياً: حتى وإن لم تنتشر فكرة العربة إلا بعد سنوات طويلة، ليصنع جولدمان تاريخه الشخصي من خلالها، أجد أن المنطق المطلق لا يجب أن يلعب الدور الرئيسي في قراراتنا وأفكارنا.  وعلى صعيد العمل أجد ذلك ينطبق بشكل رئيسي على حياة رجال التسويق.

ومن ناحية أخرى، أعتقد أن أحدنا لو عاش في تلك الفترة كان سيجد المبرر بعدم استخدام عربة التسوق منطقي وطبيعي للغاية! … فكر بها!

ربما لو كانت أعيش في نفس المدينة وأتسوق في أحد محلات جولدمان كُنت سأقول فنفسي عند مشاهدة عربة التسوق: “يا لهذا الأحمق! … يحسبنا ضعفاء لنحتاج اختراعه”.

*****

يستحق أن أكرر أن التسويق لا يحتاج لتبريرات منطقية في حالات كثيرة بالفعل … وكما كان يقول ستيف جوبز: “كيف تعلم أنهم سيحبوا منتجك وهم لم يروه بعد؟” عندما علق على صديقه ووزنياك قبل إصدار أول أجهزة آبل في نهاية السبعينيات.

وفي حالة جولدمان لعل الأمر سيزداد صعوبة وفكاهة … “كيف سيُحبوا منتجك … إن لم تُلزمهم به وتُشعرهم بالراحة الحقيقية به، بدلاً من الراحة المُزيفة بإرضاء الآخرين بعدم استخدام العربة!”

سيكلوجيا الإنسانعن العمل وريادة الأعمال

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.

تعليقات


المقالات ذات الصلة

للأعضاء عام

لا يسأل الأطفال عن معنى هذه الحياة

«ما الذي يجعل الحياة جديرة بأن تعاش؟ لا يوجد طفل يسأل نفسه هذا السؤال. بالنسبة إلى الأطفال، الحياة واضحة بذاتها. الحياة غنيّة عن الوصف: سواء كانت جيدة أو سيئة، لا فرق. وذلك لأن الأطفال لا يرون العالم، ولا يلاحظونه، ولا يتأملون فيه، ولكنهم منغمسون بعمق في العالم لدرجة أنهم

لا يسأل الأطفال عن معنى هذه الحياة
للأعضاء عام

مكان الغرباء والأحلام خلف الجميع

في عام الكورونا، زرت هذا المكان أكثر من أربع عشرة مرة. لا أحد أعرفه زاره بنفس القدر.

مكان الغرباء والأحلام خلف الجميع
للأعضاء عام

في فكرة التخلص من الخوف بسرعة

الإنسان عندما يكون حبيس مخاوفه، فإن جزءً كبيرًا من حياته يتوقف عن العمل. تستطيع السيطرة على حياة أي إنسان إن أخفته. مشكلتنا أننا في الحقيقة من نُشعِر أنفُسنا بالخوف، بنفس القدر وأكثر من الأحداث الخارجية التي تستدعيه. الإلمام بالمشكلة هو نصف الحل. أحاول في العادة أن

في فكرة التخلص من الخوف بسرعة