تخطى الى المحتوى

القراءة.. التي غيرت حياتي!

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف
القراءة.. التي غيرت حياتي!
Photo by Blaz Photo / Unsplash

ذهبت يومها لزيارة إحدى أخواتي في منزلها قبل نحو سنتين، أبحث عن فرصة للهروب من ملل إحدى نهايات الأسبوع الروتينية، جلست كعادتي في غرفة المعيشة التي كانت كعادتها تعج بصخب أطفالها وأحياناً أطفال جيرانها، آملاً أن يكون قرار الزيارة «غير الموفق» و«الموفق» سيحرك هدوء ذلك اليوم الذي أنهى بقدومه أحد أسابيع العمل الحافلة. وبعد انتهاء الأحاديث المتقاطعة التي شاغلها شغب الأطفال حماهم الله، لمحت في إحدى زوايا الغرفة طاولة مخصصة لـ«القرنبع»، عليها كتاب للمرحوم (د. غازي القصيبي بعنوان – حياة في الإدارة) سألت عنه، وكان رد أختي أن هذا الكتاب كان قد أتاهم الأسبوع الماضي هدية من أحد أقارب زوجها، ولكن لكثرة انشغالها وزوجها بمشاغل الحياة لم تسنح لهم الفرصة بقراءته، وبطبيعة حال الملل « المؤقت » ألزمت نفسي بعدم الاستسلام لجو الصخب والقيام على الأقل بالاطلاع على بعض صفحات الكتاب الأولى لعل، وعسى أجد ضالة ذلك اليوم، وهنا كانت المفاجئة…

بعد قراءة إحدى تعليقات من قرؤوا الكتاب مسبقا ً في الغلاف الخلفي، وهو الإعلامي المعروف الأستاذ عرفان نظام الدين حين قال: «بدأت بقراءة هذا الكتاب بتمعن، فوجدت نفسي ساهراً حتى ساعة متأخرة من الليل إلى أن قرأت آخر سطر بإعجاب واهتمام ودهشة» 

وفي حقيقة الأمر أن وصفه كان دقيقا ً لحالتي أيضاً، بعد قراءة بعض ً من الصفحات الأولى للكتاب التي شدتني لأخذ الكتاب لإكماله في بيتي فيما بعد.

استغرقت في قراءة الكتاب حتى الفجر، وانتهيت منه في أقل من ٤٨ ساعة تقريبا مع دهشة غريبة من نفسي تخالطت مع حزن إنهاء آخر صفحة في الكتاب.

وكنت في تلك الفترة حقيقة ً لأذكرإن كانت كتب الدراسة أم غيرها هي آخر ما قرأت، لكن ما كنت أعيه تماماً أن آخر
كتاب قرأته كان من فترة طويلة نسبيا ً، أدركت وقتها «ووقتها بالذات» أن أحد الأسباب التي منعتني ومنعت كثيرا ً لمن هم في عمري من الدخول في عالم القراءة، أن بعض كتب الدراسة « المملة » كانت أحد الأسباب التي زرعت شعور عدم الراحة من فكرة اقتناء كتاب جديد (ممل، ليزيد من الطين بلة) أو حسب تصريحات بعض الإخوة (خليني اتشطر واقرا كتب الجامعة أول) .

وبكل بساطة أدركت حينها أن قراءة المواضيع التي نحبها أو المثيرة بالنسبة إلينا قد تكوم فواتح الشهية لمزيد من القراءات الجديدة، لفتتني بساطة الدكتور غازي في سرد روايته في عالم الإدارة مع الملكين فهد وخالد رحمهم الله، بالإضافة لعدد كبير من المواقف المضحكة والجدية المليئة بالإلهام والدروس في مشاورة بتسلم حقيبتين وزارية مروراً بفترات تمثيله للمملكة خارجها كسفير، بالإضافة لدروس قيّمة لمشوار طويل في التفاصيل الإدارية «الحياتية» والعملية لُخصت في أقل من ٣٦٠ صفحة!

 أدركت أيضا ً وقتها حقيقة لم أستوعبها، أن الكتب هي عبارة عن عصارة خبرات لكُتابها وإن كانت ليست مفيدة أو مسلية بالضرورة، ولكن مجرد التخيل أن لديك القدرة على الاطلاع على خبرات سنين لأناس ناجحين خلال «ساعات » تحصر فيها زبدة مشاوير، ستكون دون شك فاتحة شهية لتكون يوما ً ما في صفهم.

بدأ مشوار القراءة منذ ذلك اليوم، زاد معدل قراءاتي الشهرية ليصبح أسبوعية خصوصا في مجالي (المال والأعمال)
ليتحول شبه يومي، ثم لتصبح هذه العادة جزءاً من حياتي اليومية التي أصبحت بعدها أشعر بشيء من النقص إن مر بي يوم دون قراءة أي مادة أو كتاب، لغتي الإنجليزية طورت بشكل ملحوظ بعد إلزام نفسي أن تكون الكتب الإنجليزية هي الحيز الأكبر من القراءة، وكان كل السر وراء هذا الحماس في الاختيارات!

انجرفت بشكل جميل نحو القراءة عندما انحصرت اختيارات القراءة على المواضيع التي تجذبني، وتهمني، وذلك العكس تماماً مقارنة مع كتب الفيزياء والرياضيات وغيرها، ثم تحولت العادة لشبه إدمان استطعت أن أخالط بها كتب الدين والروايات وبعض المجالات الأخرى وأصبحت زيارة مكتبة جرير و«فيرجين ميجا ستور» أحد أهم الزيارات الدورية، وأكاد أجزم أنني أحد أهم عملاء موقع أمازون.

التقيت في إحدى المناسبات الأستاذ القدير عبد الله جمعة (مدير عام أرامكو سابقاً) وأحد أبرز من رسم طريق النجاح لهذه الشركة وبعد سؤاله عن سر الإنجازات والنجاحات عبر تاريخه الحافل، وكانت المفاجئة بذكره أحد الأسباب الرئيسية بـ (لا تتردد تقرأ أي كتاب يجي فيدك أو أي مادة أو ورقة لعل، وعسى تفيدك فيوم من الأيام وأنت غير متوقع
زي ما كانت تفيدني بشكل غير متوقع).

اقتراحي لك عزيز القارئ إن كنت تفتقد لهذا الشغف أو كانت لديك النية أن تضيف عادة القراءة في حياتك بأن تجرب القيام بزيارة سريعة لأحد المكتبات كبيرة، وقرر وقتها أن تشتري كتاباً أو اثنين في المواضيع التي تهمك وتجذبك فقط وابدأ بها، وستذكرني بكل خير إن شاء الله.

كُتب واختيارات للقراءة

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.

تعليقات


المقالات ذات الصلة

للأعضاء عام

پالما (Palma)

قارئ إلكتروني جديد

پالما (Palma)
للأعضاء عام

توصيات ديسمبر ٢٠٢٤م: كُتب وبودكاست ومطاعم

كل عام وأنتم بخير، وأسأل الله أن يجعل عامكم مليئًا بالبركة ونور البصيرة. بدأت بكتابة هذه المقالة في ديسمبر، ثم قررت استكمالها اليوم. لم أود تغيير العنوان لرغبتي في الاحتفاظ بالسياق، وربما لستظهر لي اقتراحات أخرى خاصة بيناير ٢٠٢٥. كان هذا العام طويلًا. ولا أعلم إن كان غيري قد

توصيات ديسمبر ٢٠٢٤م: كُتب وبودكاست ومطاعم
للأعضاء عام

كم ساعة تقرأ في اليوم؟ (ملفّات القرّاء ٧)

مقدّمة: إن كُنت أحد سكّان مدينة جدة، أدعوك لحضور أمسية ثقافية يوم الاثنين (٣٠ سبتمبر ٢٠٢٤م) بعنوان «الشعور بالانتماء ضرورة أم رفاهية؟». رابط التسجيل هنا. تنورونا. ننتقل إلى ملفّات القراء.. السلام عليكم، أشكرك أخي أحمد على إتاحة الفرصة لي، سؤالي كم ساعة تقرأ باليوم، وهل تقرأ كتاب

كم ساعة تقرأ في اليوم؟ (ملفّات القرّاء ٧)