تخطى الى المحتوى

تعليق شخصي على الأوسكار والأجندات

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف

في سلسلة تغريدات، قام الروائي المعروف ستيفن كينج بانتقاد لجنة الأوسكار في انحيازهم للأقلية عوضًا عن الأكثرية من المجتمع وهنا نص التغريدات:

«ككاتب، يُسمح لي بالترشُح في ثلاث فئات [في الأوسكار] فقط: أفضل صورة وأفضل سيناريو تم تكييفه، وأفضل سيناريو أصلي. بالنسبة لي، فإن قضية التنوع -كما ينطبق على الممثلين والمديرين الفرديين، على أي حال- لم تظهر. هكذا قيل…

***

لن أفكر في التنوع في المسائل الفنية. الجودة فقط هي الحكم. يبدو لي أن القيام بخلاف ذلك سيكون خطأ.

***

إن أهم شيء يمكننا القيام به كفنانين ومبدعين هو التأكد من حصول الجميع على نفس اللقطة العادلة، بغض النظر عن الجنس أو اللون أو التوجه. في الوقت الحالي، هناك نقص في تمثيل هؤلاء الأشخاص [يقصد جميع فئات المجتمع]، ليس فقط ذلك في عالم الفنون.

***

لا يمكنك الفوز بجوائز إذا كنت خارج اللعبة.»

حسب فهمي ومناقشتي السريعة مع الأخ العزيز محمد البكري أو كما علِمت منه، فإن الأوسكار (وصنعة الأفلام حاليًا) تركز بشكلٍ كبير على تعزيز وجود أجندة محددة، تتضمن قضايا محددة.. كالعنصرية والمثلية والحشيش والحروب وأمور أخرى.

نرى ذلك بوضوح في معظم مسلسلات نيتفليكس على سبيل المثال، والتي أصبحت تركز على إظهار المثليين بصورة لم تكن كذلك في الماضي؛ ويطول شرح تبرير هذا الأمر (وليس هنا المكان الأنسب للتطرق له)، إلا أنه من الواجب تذكير المتلقي أن استيعاب فكرة أن الإعلام والفنون، والسينما/المسلسلات على وجه الخصوص هي الوسيلة الأهم لدى المجتمع الغربي في إيصال رسائلهم التي تتوافق بالضرورة مع الأجندة السياسية أولًا.

كانت معظم رسائل السينما في الفترة ما بين ١٩٤٠ – ١٩٨٠ تدور بشكل واضح على تعزيز قصص الحب والرومنسية، بل وخلقت تلك الفترة أيقونة الإثارة «مارلين مونرو» والتي كان الهدف منها تعزيز صورتين نمطية:

الأولى، وهي موجهة للرجال: من حقك أن تُضيف على قائمة حلمك الأمريكي استحقاقك لوجود مثل هذه الشقراء الجميلة في حياتك.

والثانية، موجهة للنساء: إن كنتي تريدين أن يحبك الرجل، فحاولي أن تكوني نسخة من «مونرو».

إحدى الدوافع من ظهور مونرو (والأفلام الرومنسية بغزارة تلك الفترة) هو انخراط نسبة كبيرة من الرجال في الحروب، مما أدى إلى دربكة اجتماعية ساهمت في التأثير بشكل سلبي على الأفراد في المجتمع الأمريكي، فالسيدات يعانون من الفقد، والرجال يعانون من الغُربة. ولا شيء يعمل عمل المسكّن في النفس المكسورة سوى الكثير من الشعور بالحب (بالنسبة للنساء) والشعور بالإثارة (بالنسبة للرجال).. وهذا كان الدور الناجخ الذي لعبته مونرو وزميلاتها وزملاءها في تلك الفترة.

حتى وإن افترضنا عدم وضوح الأجندة السياسية المحركة للأوسكار بالنسبة للسيد كينج أو للآخرين، إلا أن الجزء المثير كان إحدى الاعتراضات التي هوجم بها والتي ارتكزت على انتقاده كونه رجل «أبيض» أو «غني» ولن يشعر بما قدموه أبطال الأفراد (القِلة) في أفلامهم المرشحة.

ونلاحظ أن حتى فيلم «الجوكر» -وهو المرشح الأقوى- يتناول شريحة الأقلية القِلى في المتجمع وهي التي اجتمع فيهم الفقر والمرض النفسي وسوء التربية. إلا أنني ربما كنوع من الدفاع عنه، أجد أن الفنون بشكل عام لا يجب أن تركز على القِلة.. لا على الفئات الفنية، ولا على الألوان والشرائح الاجتماعية. فالأعمال الخالدة كانت تلمس قيم البشر وروحهم قبل فئاتهم وأشكالهم بشكل واضح، وليست نقطتي بالطبع ضد فيلم الجوكر بالتحديد (تجنبًا لاحتمالية قفز أحد الإخوة المدافعين عن الفيلم بحماس) إلا أنني أُلفت النظر إلى الموجة ككل.. موجة التفضيل في الخيارات والفئات.

والله أعلم.

كان الله في عون الجميع.

مقالات عن سلوك الفنانين

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.

تعليقات


المقالات ذات الصلة

للأعضاء عام

دعوة للاهتمام بفترة التجربة

بغض النظر عن المدة التي قد تستغرقها تجربة الأشياء والمهام والوظائف، وحتى العلاقات الجديدة (سواء الرومنسية أو المهنية)، فإنها ستكشف عن بعض الاختلافات بين الأفراد. هذه الاختلافات مهما حاول كل الأطراف إخفاءها، سوف تتجلى في التعبير عن أعماق الذات، التي قد لا تكون بالضرورة سلبية، بل متنوعة. فترة التجربة، هي

للأعضاء عام

الشهرة لا تعني المال

أقابل آنسة من معارفي في إحدى مهرجانات السينما، أسألها عن حالها وحال السينما، وعن حال الجميع هنا، لتخبرني: «هل تعلم ما هو القاسم المشترك بين كل من تراهم هنا؟ الجميع أنيقين. والجميع مفلسين». ثم أقابل أحد الأصدقاء، يحكي لي عن بضعة أشخاص معروفين في الوسط الفني، يعانون – رغم شهرتهم الواسعة

للأعضاء عام

لا بأس بالتكرار

كلامي اليوم موجّه للفنانين بكل حِرفِهم. لا بأس بالتِكرار. حياتك عبارة عن أيام عديدة، وعندما يطّلع على أعمالك المتابعين فإنهم ليسوا بالضرورة هم نفسهم الذين اطّلعوا على أعمالك قبل سنتين أو ثلاثة. وبطبيعة الحال، هناك أعمال معينة تهتم بها أنت شخصيًا أكثر من