قائمة الأحزان
محاولة للفِهم والوقاية
أتدرون ماذا يحزنني؟ الكثير طبعًا. مثل الكثيرين.
ولكن هناك بعض الأمور التي رُسمت، واستقرّت في بالي، لعلي أكتب عنها لتختفي.
١. إنَّ احتمالية أن تعيش ابنتي مع زوجها وأبناءها أكثر من معيشتها معي.
والمحزن أكثر بالنسبة إلي، هو معرفتي أنني في الوقت الذي أكون متفرغًا أكثر، ستكون منشغلة أكثر. في وقت تقاعدي، ستكون في عز تربيتها لأبنائها، أو المضي قدمًا في عملها المهني، أو قد تتجرأ للسكن في مدينة غير التي أسكن فيها.
٢. هناك كثير من الكُتب، والقليل من الوقت.
لأنني في حفل برنامج إثراء هذه الأيام، فإن عدد الكُتاب الذين التقيتهم، وتحولوا إلى أصدقاء قد تضاعف في غضون يومين. أصبحت فجأة مدفوعًا أخلاقيًا بأن أقرأ كتبهم قبل أن ألتقي بهم مجددًا. غير القائمة التي اشتريتها مؤخرًا، والتي سأشتريها قريبًا، وغير ما كان عندي طوال سنين ولم يُقرأ. وكم يُحزنني أن العُمر لا يسع كل الكُتب التي أود قراءتها قبل أن أموت.
٣. أنني أصبحت لا أستطيع أن آكل، وأشرب أي شيء دون حساب.
للعُمر أحكام، وتطنيشي لفكرة السير عاطفيًا لما أشتهيه تنعكس بسرعة على وزني، ومزاجي وحساسية معدتي. لا يزال عقلي مقتنعًا أنني أعيش في العشرين. يوم واحد من التخبيص كفيل بأن يكسر هذه القناعة بسرعة.
٤. أنني لا أستطيع النوم متى ما أُريد بعدد الساعات التي أُريدها.
هدفي الأول أصبح اليوم من كل سفرة إجازة أو رحلة عمل هو تحقيق معدل أعلى من النوم. أشتاق إليه، وأشتاق لساعات الصباح الباكر، وأنا شبِعٌ من النوم. يحكي لي قريب ذي منصب رفيع في الدولة عن معاناته تجاه المسألة نفسها بقوله: «أصبحت أشعر بالعافية عندما أُسافر، لأنني أنام أكثر، ولا أخشى من شيء يوقظني». كيف يُعقل أن نعيش في زمنٍ أصبح فيه كل شيء أسهل، وأسرع، ألا نأخذ كفايتنا من النوم؟
أقوم بتجربة مقاطعة الكافيين هذه الأيام في محاولة للمعالجة. ومن حسن الحظ أن في هذا الكون قهوة منزوعة الكافيين، لكن يظل هناك ربع عائق نفسي يمنعني من الاستمتاع بها.
٥. أنني أفقد آخر نقطة وصلت إليها في حمل أوزان النادي، بمجرد أن أقطع زيارته لبضعة أيام.
ومن حسن وسوء الحظ أن تطبيق الرياضة الذي أستخدمه يقترح فورًا أن أُنقِص عشرة بالمئة من آخر وزن حملته عند كُل تمرين حماية لي من الإصابة أو الإرهاق العضلي. يُصبح الإنسان فجأة رهينًا لتقصيره، ويُعيد محاولة ما بناه في أسابيع. حتى رغم وجود ما يسمونه «الذاكرة العضلية».
٦. إنَّ مقاسات الوسادات وأنواع المراتب ليست كلها مقبولة.
لا أعد نفسيًا مدللًا. لكن قساوة المرتبة، وليونة الوسادات أصبحت تؤثر فيَ نومي بعض الشيء. أنا حزين لأنني بدأت أشعر بهذا الفرق، معتقدًا قبلها إنني لا أمانع النوم على الحصير، وفي الأرض، وحتى أرصفة الشارع. نظريًا!
هل هو السن؟ أم هي الوفرة؟ كلاهما مُحبط بصراحة.
٧. أنني أصبحت لا أتقبّل المطاعم الشعبية مثل ما مضى.
في كل عرض يعرضه عليَ صديق أزور مدينته لأول مرة، يقع اختياري دومًا على المطاعم الشعبية، ولعًا في أكل الشوارع، وتقديرًا للقيمة مقابل السعر. لكن مع الأسف، كل تجاربي الأخيرة كانت قد انتهت نهاية سيئة. آخرها تجربة مطعم هندي شعبي (كان نظيفاً نسبيًا)، وقد قادني إلى دورة المياه أعزكم الله ست مرات في اليوم التالي.
٨. أنني أصبحت لا أستمتع بكل أنواع الرفقة.
عكس شخصيتي الاجتماعية المُطلقة. بدأت تزداد حساسيتي لكل جلسة لا أجد فيها حواري الذي أُريد، أو أفكاري التي أود مناقشتها، أو الموضوع الذي أُريد سماعه. أصبحت أستصعب الجلوس قليلًا مع شبه الغرباء، وأحسب الوقت بعدها. وبلا شك أُحمِّل العمر والانشغال المهني والاجتماعي والكتابي مسؤولية هذا الأمر.
٩. أنني فقدت رغبة الاستكشاف المجنونة. وتحولت إلى رغبة استكشاف عادية.
عندما جلست مؤخرًا مع شريكي، وهو يحكي عن والده الذي قرر ألا يسافر إلى أي مكان لأنه «قد شبع» من الأماكن. حزنت أن الفكرة - رغمًا عني - قد لاقت استحساني! وحزنت أنني كُنت من البعض الذين «يحشّون» هؤلاءك المتزمتين في اختياراتهم في السفر، والأماكن والتجارب والطعام. توقفت وسألت نفسي: هل ستكون نهاية طريقي أن أتحول إلى شخص لطالما «حشّيته»؟
النشرة الإخبارية
انضم إلى النشرة الإخبارية لتلقي آخر التحديثات.