تخطى الى المحتوى

St. Regis أكتب لكم من الفخم: سان ريجس

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف

قررت أن أكتب لكم اليوم وأنا في أحد مقاهي نيشانتاشيه أسفل فندق St. Regis الفخم (والذي لا أقيم فيه طبعاً، ولكن صدف وجوده بجانب مطعم الغداء، وصدف أيضاً أن المقهى تقريباً فارغ).

سألت نفسي عندما استيقظت صباحاً؛ هل ستخرج كلمات مختلفة إن كتبت في مكان آخر غير مكتبي الأليف في جدة الواقع فوق شاورما شاطر؟

وقبل أن أُجيبكم على هذا السؤال سأحكي لكم ما حصل … استيقظت من النوم وأنا أشعر بملل عجيب لأن جميع مهامي العملية قد انتهت منذ البارحة، لأواجه يومي الفارغ كما أريد، وقد ورد في ذهني السؤال أعلاه.

خرجت من فندقي متأخراً نسبياً بنية تناول الغداء في نُصرت برجر، ركبت سيارتي المستأجرة والتي فاجئتني البارحة بخاصية جديدة فيها، وهي خاصية انعكاس شاشة الجوال على شاشة السيارة، والتي يمكنك من خلالها تقريباً التحكم بمعظم تطبيقات جوالك.

وضعت خريطة Apple لأنها التي تعمل على شاشة السيارة (وليست خرائط جوجل الأكثر دقة وسهولة في الاستخدام):

“Nusr-et Burger Nisantasi” وهذا المطعم أحد فروع مطعم نُصرت الشهير في اسطنبول. ميزته الوحيدة بالنسبة لي، أن زبائنه العرب والخليجيين أقل بمعدل ٩٠٪ وهذا ما يشجعني لسبب داخلي -مثل شعور معظم السعوديين- بالذهاب إليه.

على كل حال، تفاجئت أنني أصبحت في القسم الآسيوي من إسطنبول، مما استدعى تضييع ٤٥ دقيقة للعودة إلى طريق المطعم الذي يبعد أصلاً عن فندقي ٢٠ دقيقة تقريباً، والسبب كان استخدامي الارتجالي لخريطة جديدة بدلاً من Google Maps.

عندما وصلت .. طلبت طبقين من النادل مع مشروب .. وجدت أنني للأسف لم أشبع، لكن خجلي من انطباع الجرسون قادني إلى مداراة الأمر وطلبي للحساب.

خرجت من المطعم .. الجو في قمة البرودة هُنا. كل المقاهي التي حول المطعم كانت مزدحمة، كُنت أود الجلوس بهدوء كما أجلس الان وأنا أتحدث معكم، لا يشغل بالي إلا أمر واحد فقط .. لم تكتب شيء اليوم .. لم تكتب شيء اليوم! .. وها أنا قد استأذنت من الشيطان لأخاطبكم.

وعودة لسؤال بداية المقالة … هل ستخرج كلمات مختلفة إن كتبت في مكان آخر غير مكتبي؟ … الإجابة القصيرة بالطبع هي: لا، لأن نفس العقل الموجود في جدة هو نفسه الموجود الآن في اسطنبول!

ولكن أقول بشكل مُطول … أولاً: أنني لم أجرب أن أكتب من قبل عن تجربة غداء محددة، وتفاصيل غريبة لا تهم القارئ كموضوع السيارة، والجي بي إس، واختياري لمقهى فندق سان ريجس. ولا أعلم بكل شفافية عزيزي القارئ مدى تقبلك لمثل هذه الكتابات وهذه المواضيع. لكنني اليوم قررت محاولة ممارسة الصدق مرة أخرى فيما أكتب. فبالفعل خجلت من النادل لأنني لم أشبع، وبالفعل تهكمت على بعض الأصدقاء الذين يحرصون على إخبار الآخرين أنهم يقيمون في فندق فخم.

والأمر الآخر أنني … كُنت أود أن أُسكِت صوتي الداخلي والذي يطلب مني أن أنهي جزءاً من الكلمات التي يجب أن أنجزها اليوم.

شارع نيشانتاشيه

الكتابة

  تثير الأفكار، وتوثقها .. وتجعل منها أكثر واقعية، وهي في المقابل تجعل من القارئ يثير التسؤلات داخله رغماً عنه، لأنه ببساطة يقرأ، حتى وإن كان المحتوى (في بعض الأحيان) لا قيمة له.

لا أعتقد أن شيء قد اختلف جذرياً من مكان الكتابة المختلف. ربما النفسية المصاحبة لإنجاز هذا الأمر قد اختلفت! .. لكن لا يعني هذا الأمر أن الإنجاز له علاقة مباشرة بالنفسية، فمقاومة المغريات (والشيطان) هي المطلوبة، في جدة أو في حفر الباطن!

.. أوووه ها قد نزل المطر، وكأن الجو ينقصه بعضاً من البرودة!

مقالات عن الانتاجية

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.

تعليقات


المقالات ذات الصلة

للأعضاء عام

كيف نتعامل مع كثرة الأهداف في حياتنا؟ (ملفّات القرّاء ٤)

مساء الخير أُستاذ أحمد، جزيل الشكر على هذه المدونة الجميلة والمفيدة، سؤالي: كيف يتعامل الإنسان مع كثرة الأهداف في حياته؟ حينما يحاول التخطيط للفترة القادمة، يجد أهدافاً كثيرة على جميع المستويات إيماني، تخصصي، معرفي، اجتماعي ومالي وغيرها! وكلما حاول عمل فلترة، يجد هذه الأهداف والأمنيات ملحة! فيزداد حيرة؛ يخاف

كيف نتعامل مع كثرة الأهداف في حياتنا؟ (ملفّات القرّاء ٤)
للأعضاء عام

فيما يخص تعليق الشهادات على الجِدار (رسالة قارئة)

عن المقالة السابقة بعنوان في تعليق الشهادات على الجِدار. وصلتني رسالة لطيفة، أعتقد إنها تستحق النشر. هنا رد قارئة كريمة اسمها السيدة/ شيخة علي الخروصية: فيما يخص أهمية الشهادات المهنية سأحكي لكم عدة أحداث أو مواقف مررت بها لعلها تضيف شيئاً لكم. أحدثها أننا في قسمنا ممثلين المؤسسة بأكملها

للأعضاء عام

أقف حائرًا مرة أخرى أمام نصائح الانترنت

أفهم جيدًا أن معظم النصائح التي تأتي من أماكنٍ عشوائية من الإنترنت هي محل تساؤل. وأفهم جيدًا أن ليس كُل ما يُقال قابل للتصديق. ورغم هذا (الادعاء)، فإن شيئًا داخلي لا يستجيب بنفس القدر. أتأثر وأتحمس للبعض، وأستنكر تمامًا آخرين. أتابع عشرات الحسابات التي

أقف حائرًا مرة أخرى أمام نصائح الانترنت