تخطى الى المحتوى

لماذا لا يجب أن تطلب رأي الآخرين دوماً؟

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف

تعقيب سريع … في بداية شروعي لممارسة الكتابة بشكل منتظم عام ٢٠١٣ بدأت باستلام العديد من التعليقات على المقالات سواءً في صفحة المدونة أو في بقية صفحات التواصل الاجتماعي. كان معظم التعليقات مختصرة «يعطيك العافية …»، «لا أتفق …» إلخ.

التعليقات الإيجابية ممتازة بطبيعة الحال، والتعليقات السلبية ستظل في عقلك ليومين أو ثلاثة، وربما يكون المُعلق قد كتب كلمتيه وهو في الحمام  – أعزك الله – على مقالة استنزفت الكثير من الوقت والجهد منك.

في البدايات يحتاج أي فنان أو صاحب مهنة فنية (الكتابة في حالتي) لقدرة عالية في الاستمرار على الجلوس بشكل منتظم لممارسة فنه ومحاربة التسويف والمقاومة. والتعليقات السلبية ستساهم بشكل مباشر على كسر هذه الرغبة السهلة/الصعبة.

عندما أسمح بشكل كامل لإعطاء الآخرين مجالاً للتعليق على مقالتي مثلاً، فإنني أفتح بذلك باباً من النقاشات والتي قد تستنزف وقتاً أحاول أصلاً توفيره للمزيد من العمل. ينطبق هذا الأمر على الكثير من الأعمال والأمور في حياتنا.

لا أدعوك هنا بالتأكيد لعدم الاستجابة بشكل مطلق لآراء الآخرين! … لكنني أدعوك بأن تقنن هذا الأمر قدر المستطاع، وتبحث بشكل موضوعي – عالي الجودة – عن التعليقات التي تستحق بالفعل الانتباه لها. نتج عن هذه القناعة إغلاقي تماماً لخانة التعليقات في مدونتي منذ ٢٠١٣. والآراء الحقيقية والموضوعية للقارئ ستكلفه قليلاً عناء التواصل معي ونقاشي على الإيميل. فلن يقتطع شخص صاحب تعليق سطحي من يومه جهداً لفتح صفحة الإيميل ليكتب لي عنواناً وتعليقاً ليرسله؛ وسيفعلها صاحب التعليق الحقيقي.

الكثير الكثير من الإخوة الأفاضل (خصوصاً الآنسات) يحرصون على أخذ آراء الآخرين في عملهم وفنونهم وهي بالكاد خرجت من الفرن. وإن حصل واستلمت إحدى التعليقات السلبية، سأجزم لك أن نسبة تقاعسها عن إنتاجها القادم ستصل إلى (٧٠٪). والعكس أيضاً صحيح، فالكثير من التعليقات الإيجابية خصوصاً إن كانت بهدف المجاملة، ستعطي صاحبتها نشوة الإنجاز والتي قد تدفعها أيضاً إلى التقاعس.

كان الكاتب المعروف إيرنيست هيمينجوي لا يُطيق النُقّاد، ويعلق مبرراً «لو أخبروني أن كتاباتي جميلة … فأنا أعرف ذلك مسبقاً، وإن أخبروني أن كتاباتي سيئة، فسيقودني هذا الأمر إلى الإحباط».

وأخيراً، لعلني أشجع على البحث عن رأي الاخرين بتقنية مختلفة وهي التي تنحصر في مرحلتين فقط: قبل البداية (بغرض البحث عن نصيحة وليس رأي) وبعد الانتهاء تماماً من إنتاج كبير (كالانتهاء تماماً من كتابة كتاب كامل) لأن المشروع الكبير قابل للتعديلات الطفيفة قبل الخروج للجمهور.

وإياك أن تطلب آراء الآخرين بعد المرحلة الأخيرة .. أرجوك!

عن الكتابةمقالات عن سلوك الفنانين

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.

تعليقات


المقالات ذات الصلة

للأعضاء عام

عن روتين وغزارة كتابات تيلور كوين

لشخص في مثل حالتي يصارع الوقت والظروف للبحث عن ساعات متفرّقة للنضباط في الكتابة، أجد نفسي مفتونًا بأسلوب وغزارة انتاج الاقتصادي المعروف والمحبوب تيلر كيون في الكتابة. يكتب أكثر من مقالة يوميًا منذ أكثر من عشرين سنة، إضافة إلى عشرات الكُتب التي قام بنشرها. لا يتوقف

عن روتين وغزارة كتابات تيلور كوين
للأعضاء عام

كيف نتعامل مع توسّلات من سيموتون قريبًا؟

مع قرب الألفية الماضية، حصل حادث مأساوي للروائي الشهير ستيفن كينج، وصف تأثيره: «أصبحت مشيتي مختلفة عمّا كانت عليه من قبل»، وأصبح أيضًا كما قال في مقدمة الجزء الأول من سلسلته «برج الظلام»؛ أكثر تأملًا في مسألة التقدّم في العُمر، التي كان عقله يتقبّلها

كيف نتعامل مع توسّلات من سيموتون قريبًا؟
للأعضاء عام

المدونة بحلّتها الجديدة

أحيانًا يحتاج الإنسان أن يورّط نفسه بوعود غريبة لكي يتمكّن من إخراج نفسه بسلام من هذه الوعوُد، من أجل أن يضمن الإنجاز. وأحيانًا يحتاج أن يحوف نفسه بمن يساعدوه على تحقيق الوعود التي قطعها على نفسه. مثل وعدي أن أتوقّف عن الكتابة - والتي

المدونة بحلّتها الجديدة