الشهر: فبراير 2022

  • بعض الملل في الحياة الحية

    تحدّثت سابقًا عن مفهوم تعلّمته من الكاتب المعروف روبرت جرين، وهو الحياة الحية والحياة الميتة.

    فكل إنسان يعيش يومه يومًا بيوم إما حياة ميتة؛ لا ينتظر حدوث شيء، تسير الأيام فيها متشابهة كل يوم يشبه الآخر تمامًا دون تقدم في أي جانب من جوانبها. وإما حياة حية كل يوم بوجد فيه تطور صغير في جانب من جوانبها.

    تتسم الحياة الحية بالبطء.. خطوة تجاه الترقية القادمة أو خطوة للحصول على شهادة ما، أو خطوة في اتجاه إنجاز مشروع ما، ربما تطوّر ملحوظ في ترك أكلة ضارة ما أو بعض الدهون الزائدة التي تم التخلص منها. بضع صفحات قراءة لكتاب مميز، ونوم دقائق إضافية تخدم صحتنا على المدى الطويل، مع استثمار بعض الوقت مع أبناءنا الذين سيتذكرون نمط حياة كان برفقة أهاليهم، وطبعًا يومٌ آخر مع روتين صلب نمارس ما نود أن نكون أفضل فيه.

    طبيعة الحياة تجعلنا نعيش فترات متفرقة في عُمرنا بين الحياتين، فترات نحرص أن نتقدم ببطء، وفترات نترك الأيام تتقدم بنا ببطء دون أن نقوم بعمل أي شيء ذو قيمة.

    الحياة الحية قد يصاحبها بعض الملل. فالخطوات البطيئة نحو الهدف الأكبر لا تكون في غاية التشويق دومًا، في حين أن الحياة الميتة مليئة بالتشويق المؤقت.

    الحياة الميتة يُصرف معظمها بين المقاهي والمطاعم والتواصل الاجتماعي دون استثمارات أكبر في أمور أهم. وقد تكون أحيانًا مليئة بشلل البلوت واللقاءات الاجتماعية المطولة غير الضرورية وكثيرٌ من السهر، سمتها عدم الاكتراث للمهام والواجبات التي نعلم في قرارة أنفسنا أننا يجب أن نقوم بعملها.

    إن كانت الحياة الميتة مثيرة كل يوم.. فالحياة الحية أكثر عُمقًا وستُصبح أكثر إثارة بعد موجات عديدة من الملل.

    نُذكِّر أنفسنا بأن الحياة الحية أجمل وأهم وأكثر عمقًا؟ في الوقت الذي تكون فيه اللحظات ميتة لحظات وليست حياة؟

  • شكلنا في دعم ما نؤمن به

    يعلّق ديريك ثومبسون الكاتب الاقتصادي جزئيًا على سؤال «ما هي القناعات التي تغيرت لديك في آخر عشر سنوات؟» بعد أن قال «أن سلوك العوام تجاه الأحداث العامة هو في الحقيقة عكس ما نتوقع»، بقوله: «يفكر أصحاب الدخل المنخفض (الفئة الأولى) مثل الاقتصادي: كيف سيساعدني هذا السياسي أو البرنامج في حياتي؟ ويفكر الأشخاص الأثرياء (الفئة الثانية) مثل عالِم الاجتماع: كيف سيكون شكلي من دعم هذا السياسي أو البرنامج؟».

    هذا التعليق متناسب تمامًا مع الدول الرأسمالية والديموقراطية مثل الولايات المتحدة. لكنني أشعر أن هناك (فيما يخص المداخيل) فئة ثالثة في مجتمعات أخرى، وهي الفئة «منخفضة الدخل» التي «تخاف على شكلها».

    لا يقتصر الأمر هنا على تشكيل آراء في الأحداث العامة، بل الخاصة والبسيطة أيضًا. ولذلك لا يجب أن نستغرب من أنفسنا إن دعمنا بعضًا من القناعات والقرارات والآراء التي تُخالف في جوهرها ما نؤمن أو ما نستطيع القيام به. فتكلفة الخروج من النوادي الاجتماعية التي اخترناها مكلفة.

    في مجتمعاتنا، «شكلنا في دعم ما نؤمن به» أهم أحيانًا مما نؤمن به حقيقًة ونقدر عليه.

  • عُمرٌ مضى مع الأرق (شعر)

    أنشُر اليوم أحد الأبيات التي كتبتها منذ مدة.

    كل محاولة شِعرية بصراحة تحمل معها تهكّمًا على الشعراء، فلا تغريني سوى مدرسة القصص والواقعية في الكتابة، ولا أرى إلا القليل من الشعراء هم من ساهموا بتغيير حياة شخصً ما في مكانِ ما في هذا العالم، أتذوق الشعر كقارئ وأهرب منه ككاتب.

    ولذلك في كل لحظة من اللحظات التي تهفني نفسي على كتابة الشعر يكون في العادة قد سبقها إحدى النقاشات الحادة من الإخوة الأفاضل الذين يرون في الشِعر أهم أدبًا في التاريخ العربي (ولا أراه طبعًا كذلك)، ليعلّق آخر إنني ربما لم أفلًح فيه ولذلك أقوم بانتقاده، لينتهي صباح اليوم التالي بـ «والله لا أوريك».

    أختار ألا أنشُر الأبيات، لاقتناعي كما قلنا بعدم إضافة الكثير لجعبة القارئ الكريم، ولمحاولتي رسم نبرة صوت محددة كان قد اعتادها مني القارئ الكريم المخلص.

    أما اليوم سأستعير الاستثناء.. أُخرِج من الدُرج ما لم يُنشر؛ بدافع التعبير المنتظم عن الأفكار والمشاعر والذي عهده القارئ الكريم مني، على أمل الإضافة إلى حصيلته.

    «عُمر مضى مع الأرق» هو شعرٌ يصف علاقتي المضطربة (أو التي أراها كذلك) مع النوم. فمنذ سنوات لا أمتلك سوى أهدافًا مستمرة قليلة في حياتي، أحدها دون شك هو محاولة الانضباط في الاستيقاظ المبكر والنوم المنتظم بشكلٍ عام، ومع كل محاولات.. يفوز الأرق.

    عمرٌ مضى مع الأرق

    أُغالب الليل حين يلاعبني … وأُلاعب الهم حين يغلبُني

    أبحث في الخِواء وأتناسى … وأضيقٌ بكل هذا الظلام مع إنكاري

    وحده الليل في عزائِه … كيوم يجتمع الأهالي في وداعي

    يعزي المدعوون مودّعهم … وتعود الأعمالُ لتكون مرآتي

    أرقٌ بين النيام أسكنه … وكأنني اخترت وسط الحياة مماتي

    أرفقٌ بنفسي وأعود أُلاعبها … ليعود الهم يزاحم حرماني

    إلهي إن كُنتُ قد اخترتني لنجواك … فأنا المتناسي المقصّر لأنعامي

    إلهي لا حياة دون نجواك … ولا همٌ يبتعدُ ولا فرحٌ بفيضه يلقاني

    دون نهارك لا أبحثٌ عن معاشٍ … ودون ليلك لا أود أن يكون سُباتي

    فلكل ناسكٍ نجواه … وفي كل حالٍ من المحال أمنياتي

    أبحث عن يومًا أو ودهرًا دون خِواء … ولا عُمرٌ يُعاش بين موتاتي

    سكنت الليل حتى اختفى أثري … ويعود الأرق يبحث عن ليلاتي

    فوالله سئمت وتألمت حاجةً … رُكِنت لمن يبحث عن زلّاتي

    أمر مع غَلبتي على القادم من أيامي … ليأتي نومٌ حين يقوم أشباهي

    أمر على كل عينٍ بعدها … لا أرى نفسي ولا أرى أمثالي

    تلك حياتي يا سيدي تستيقظ حينًا … وتنامُ بعدها كل أحياني

  • أشباه الرجال

    مثلي مثل الكثيرين من الرجال المسؤولين، أملك علاقة حب وكره مع «نيتفليكس». أحبهم للقيمة العالية مقابل المال والعديد من برامهجم الرائعة، وعلاقة كُره بسبب أجندة المثليين والابتذال المحشورة حشرًا في مسلسلاتهم.

    قبل أيام هبط سعر أسهم نيتفليكس لأدنى مستوياته منذ مدة طويلة، وبالنسبة للأشخاص المهتمين في الاستثمار في «أسهم النمو» فقد يُعد هذا التوقيت توقيتًا تاريخيًا للاستثمار في الشركة، ولكن السؤال هنا: هل الاستثمار في نيتفليكس يعتبر تصرّفًا أخلاقيًا؟ أول ما تبادر إلى ذِهني أنه «لا ليس أخلاقيًا» لاعتبارات كثيرة يعيها القارئ الكريم وعلى رأسهم ما تم ذِكره أعلاه، إلا إنني سألت العديد من الأشخاص حولي لتتفاوت الإجابات بشكلٍ كبير.

    هناك توجه واضح من دول الشرق (روسيا والصين بالأخص) على محاربة أجندة الانفتاح غير المسبوقة التي تقودها الثقافة الأميركية (الديموقراطية وليست الجمهورية). أحد أبرز المقالات التي تحدثت عنها كانت المقالة الشهيرة والطويلة بعنوان «وانغ هيونغ، الانتصار والرعب» بقلم «إن. إس. ليونز» والتي أنصح الجميع بقراءتها، فهي تصف اختفاء الممثلة الصينية الأشهر «تشاو وي» ليس من على وجه الكرة الأرضية فحسب، بل من على جميع قنوات البحث على الإنترنت وشارات النهاية في كل الأعمال التي شاركت فيها.

    يصف الكاتب تلك الحالة بقوله:

    «“تشاو” وزملاؤها غير المحظوظين في صناعة الترفيه، وجدوا أنفسهم عالقين في مسألة أكبر منهم بكثير، موجة مفاجئة من السياسات الحكومية التي قلبت الحياة في الصين، ووصفتها وسائل الإعلام الحكومية بـ (التحول الجذري) للدولة، و يشار لذلك رسمياً كما ذكر الرئيس الصيني “شي جين بينغ” بحملة: (الرخاء المشترك)، هذه الحملة تسير بالتوازي مع حملتين أُخْرَيَيْنِ و هما: حملة تنظيمية واسعة النطاق تعكر جو القطاع الخاص، و حملة أوسع تتعلق بإعادة هندسة الثقافة الصينية أخلاقيًا من أعلى الهرم إلى أسفله».

    فأصبح الصينيين (ومثلهم الروس) اليوم لا يريدون العولمة والانفتاح الذي تتحدث عنه الولايات المتحدة، أو على الأقل لا يريدونها لإيمانهم أنها تهدم قيم المجتمع وترفع من قيمة الفرد ليصبح «سلعة» فردية بدلًا من «عضو فعّال له قيمته في المجتمع»..

    «فنانون آخرون بدأوا بالاختفاء أيضًا تزامنًا مع إعلان الحكومة الصينية حملة صارمة لفرض نظام يهدف إلى السيطرة على مشاهير الانترنت المبتذلين، الذين يروّجون أنماط الحياة الفاسدة، و إلى حل مشكلة الفوضى التي أنشأتها ثقافة المعجبين على الانترنت؛ هؤلاء الذين يقلدون المظاهر الجمالية الأنثوية للنجوم الذكور في فرق الغناء الكورية، الذين يوصفون بشكل مُلفت للنظر بـ: (xiao xian rou) أو (little fresh meat)، -وهو مصطلح صيني يشير إلى النجوم الصغار الذكور الوسيمين- هم الفئة التالية على القائمة بعدما قطعت الحكومة عهداً على نفسها بأن تضع حدًّا للرجال المخنّثين و ظهورهم على شاشات الشبّان سريعي التأثر بما يرون».

    هذه الموجة تزداد حِدتها في الإعلام الأمريكي، وتزداد أكثر في قنوات التواصل الاجتماعي والتي أرى شخصيًا أنها أصبحت تزرع يومًا بعد يوم المزيد من «الفردانية» لدى المجتمع على غِرار «كُن ناجحًا» و«اطرد المسمومين من حياتك حتى وإن كانوا من القريبين».

    التحدي الأكبر الذي يواجه كل من هو خارج دائرة الأميركيين أنهم مهما حاولوا من جهود، سوف يكون من الصعب عليهم جدًا أن يُبارزوا إعلامًا خارقًا محنكًا ومسلّح بآلات شديدة النعومة في قدرتها على اختراق مجتمعاتنا (مثل نيتفليكس).

    وهنا لا يجب أن نحاول المقاومة؛ عوضًا عن الاكتفاء بالذات والدائرة الصغيرة المغلقة حولنا، ومحاولة كبح جماح موجة الدلال والحساسية التي نعيشها مع هذا الفضاء، أو كما يقُول أحد أصدقائي متهكّمًا «نسبة النساء أصبحت أكثر بكثير في هذا العالم من الرجال» ولا يقصد طبعًا امتعاضه من الكثرة قدر خوفه من «أن النساء يبحثون عن رجال حقيقيين في نهاية المطاف، وليس الأشباه» لكي يستمر ناموس الحياة.

    «الأمريكان بحسب رأي [وانغ هيونج، مهندس الثقافة الصينية المعاصرة]، يعلمون أنهم يواجهون «مشاكل اجتماعية وثقافية معقدة [فإنهم] يميلون إلى الاعتقاد بأنها مشاكل علمية وتكنولوجية»؛ ليتمكنوا من حلها بشكل منفصل. لكن ذلك لن يقودهم للوصل إلى الحل؛ لأن مشاكلهم كلها مترابطة تمامًا وتشترك في نفس الأسباب الجذرية وهي: الفردانية، والعدمية والراديكالية في قلب الليبرالية الأمريكية الحديثة.»

    إذًا هل الحل العملي أن يكون نيتفليكس خارج المنزل؟ ناهيك عن سؤالي الساذج بداية المقال على الاستثمار فيه؟ وماذا عن انستجرام؟ ديزني؟ وغيرهم. يتبنى الصينيون العُنف في طرد المبتذلين من حياتهم.

    ولا يمكن لي كرجل مسؤول تخيُل حل آخر سوى تعبئة خزّان القيمة والترابط والقيّم حتى لا يتسع المجال للمزيد من الميل للشواذ.

    وحتى وصولي إلى ذلك الحل الجذري، سأكتفي بترديد: كان الله في عون الجميع.

  • السيادة على النفس

    يقول جوستاف فلوبير «يمكن للمرء أن يكون سيد ما يفعله، ولكن ليس سيد ما يشعر به أبدًا.» مفهوم السيادة هو الذي شهره في اقتباسه الذي عُرف به في حياته (المثيرة للمطلعين والملولة للمقربين) بقوله عن سيادة يومه «كن ثابتًا ومنظمًا في حياتك حتى تكون شرسًا وأصليًا في عملك.»

    الآخرين لا يهتمون في واقع الأمر أن يكونوا دومًا شرسين أو منجزين بشكلٍ استثنائي في عملهم. هم يريدون أن يعيشوا حياتهم بما هو موجود، لكن يقولون أنهم يهتمون.

    «الحب هو مثال صارخ على مدى ضآلة الواقع بالنسبة لنا» يصف مارسيل بروست كيف أن الإنسان يتحول إلى مخلوق مكبوت في أفقه بسبب الحب، وهو الذي كتب كثيرًا عن حال الإنسان الذي يفقد السيادة على نفسه بمجرد أن يُحب، بل ويُشجع في بعض اللحظات على فقد تلك السيادة عمدًا «دعونا نترك النساء الجميلات للرجال بلا خيال».

    ويشتكي في موضعٍ آخر: «غالبًا ما يكون من الصعب تحمل الدموع التي تسببنا فيها نحن أنفسنا» ويعلّق بحنق بعدها: «إن الذين ليسوا في حالة حب لن يفهموا كيف يمكن لرجل ذكي أن يعاني بسبب امرأة غبية» ويبرر لنفسه مدافعًا عن الغبية «خيالنا هو المسؤول عن الحب وليس الشخص الآخر».

    تعليقي: لا يعرف من يحاول السيطرة على نفسه من أين يبدأ.

    أما عن الحب، فهو سيد الأسياد على الذات ربما، فمن قوة إحساسه يفقد الإنسان الانتباه للأشياء الأخرى.

  • خطوط الرجعة

    «لم أكن أُريدكِ على أية حال، حاولت أن أنتحر ثلاث مرات عندما علمت أنني حامل بكِ»

    رسالة من أم لابنتها عندما غادرتها للمرة الأخير قبل أكثر من تسع سنوات، كانت البنت في السادسة عشر، هي أيضًا لا تريد أمها.

    هذا الاقتباس من كتاب The Last Message Received للمدونة الشابة Emily Trunko. كتاب قصير، يقلب المشاعر حزنًا وفرحًا في بعض أجزائه. فكرته هي جمع آخر الرسائل التي تم استقبالها من آخرين.

    • «لقد خذلتيني.. لا تحاولين الاتصال بي مرة أخرى.. لا يوجد لدي شيء أقوله لكِ.. ليس هناك أي دعم من جهتي»
    • «من الجيد أن أعلم ذلك، شكرًا أبي، مع السلامة»

    كان هذا آخر تواصل بينها وبين والدها عندما علِم أنها حامل في عامها السابع عشر.

    «عمل رائع دانييل، ستصل لمكانٍ بعيد في يومٍ ما، أنا فخور بك.. أحبك»

    كانت هذه الرسالة الأخيرة من والده له قبل أن يموت بسنتين.

    لم تستوقفني الرسائل الحزينة والسعيدة في الكتاب، بقدر تأملي بعدها لقدرة الكثيرين في هذه الحياة على التخلي التام عن آخرين، وأقصد بالآخرين الذين لم يرتكبوا أخطاءً جذرية. خطوط الرجعة يجب أن تكون موجودة، فالدنيا تثبت يومًا بعد يوم أنها أصغر مما تبدو عليها.

    لعبة المسافات قد تكون هي الحل. خطوط الرجعة حل آخر. الإقصاء التام يكون أحيانًا قاصرًا، قصير المدى، وأخشى أن يكون أحيانًا نوعًا من التطرّف.

  • العائد على الاستثمار في العلاقات

    ربما قد ينظر البعض إلى فكرة «العائد على الاستثمار» حتى في العلاقات فيه نوعًا من المبالغة، إلا إنني أصبحت أجده (كمفهوم) أمرٌ إيجابي أقيس به حياتي وأُذكِّر نفسي به؛ أمثلة لكي نفهم:

    (١) إن طلب شخصٌ ما مني عمل «مكالمة هاتفية» من أجل مصلحة تخصّه: سيكون هنا حجم الاستثمار «عشر دقائق من وقتي» + «مجاملة محسوبة علي» = «سوف لن ينسى هذا الإنسان ما فعلته من أجله» (العائد من الاستثمار).

    (٢) أشعر لسببٍ ما أن بيني وبين ذلك الشخص طاقة سلبية: سيكون هنا حجم الاستثمار «مكالمة عشر من وقتي + أحاول فيها كسر السلبية» + «تذكيره إنني متاح له في الخدمة» = «انتهاء الطاقة السلبية للأبد».

    (٣) أشعر إنني افتقد صديقًا ما: «ساعة قهوة مع السؤال عن حاله» = «علاقة متينة تُبنى مع الوقت».

    (٤) أشعر إنني غاضب جدًا من شخص ما: «محاولة استحضار الصبر والسكوت مؤقتًا حتى أهدأ» = «تجنُّب مشاكل قد أندم عليها لفترة طويلة».

    كل الأمثلة تتطلب القليل من الوقت وبعضٌ من المجهود، لكن العائد من استثمارها أكبر مما نتخيل. مثله مثل استثمار القيمة.. يزداد في تراكمه ويتضاعف ولا ينقص منه شيء.

  • أساسيات لنكون بخير

    ليس هناك شيء اسمه أفضل فئة قراءة للكُتب.. الأهم عادة القراءة.

    ليس هناك شيء اسمه أفضل استثمار.. الأهم عادة الادخار والاستثمار بشكلٍ منتظم.

    ليس هناك شيء اسمه أفضل نمط غذائي.. الأهم هو التوازن.

    ليس هناك شيء اسمه «العمل أهم شيء في حياتي».. الأهم العائلة والأحباء قبلهم.

    ليس هناك شيء يستحق كل ذلك الحُزن.. الأهم هو استحضار الامتنان والحمد.

    ليس هناك عدد ساعات نوم تكفي للجميع.. الأهم أن هناك مستوى راحة لا يجب أن نُفرط به.

    نراهن على الأساسيات، وسيكون كل شيء آخر تلقائيًا بخير؛ على الأقل مع الوقت.

  • أرخص من ملح الطعام

    «الموهبة أرخص من ملح الطعام. ما يفصل الموهوب عن الناجح هو الكثير من العمل الجاد.» – ستيفن كينج.

    أن تقول عن فنّان ناجح أنه «موهوب» فيه نوع من الازدراء. أُفضِّل عشر مرات أن يُوصف «الفنان المجتهد» عن كونه «فنان موهوب». الموهبة رخيصة.. فهناك آلاف الموهوبين، لكن هناك قليل من الموهوبين غير الكسالى. وهناك من هم أقل منهم لا يخافون من الآخرين أو يخافون من الفشل.

    العمل الجاد يعني الاستمرار، بغض النظر عن النتائج.

  • نحتاج هدوء أكثر

    لنتخيل حياتنا عام ١٩٧٢م بدلاً من ٢٠٢٢م. كل التواصل عبر البريد والهاتف (ولا أعلم إن كان الفاكس قد تم اختراعه أو تم استخدامه وقتها). حجم الاجتماعات أضعاف مضاعفة عن الذي نقوم به هذه الأيام، وحجم التواصل أقل فعّالية بكل الأشكال التي نتخيلها، عمليًا وشخصيًا.

    لا إنترنت، ولا ترفيه إلكتروني، كُتب وصحف ورقية فقط، وكل إجراءات السفر تحتاج لزيارة مكتب الخطوط أو مكتب سياحة. وأفترض أن صحة الإنسان كانت أقل مما هي عليه الآن.

    ورغم كل كفاءة التواصل وسهولة الوصول لكل شيء، ورغم سهولة اتصالنا بالكرة الأرضية من خلال الجوال فقط، أصبحنا أكثر توترًا وانشغالًا أكثر من أي وقتٍ مضى.

    هوس الإنتاجية وتعبئة الجدول وتقسيم الذات لعدة أقسام خلال اليوم مع الاعتماد شبه الكامل على فنون ممارسة تعدد المهام أصبح هو الوضع الافتراضي.

    كيف انتهى بنا الأمر هكذا؟ المفترض أن يكون الحال هو العكس تمامًا.

    على كل حال قررت منذ أشهر ألا أتبنى هذا الجنون.

    قررت ألا أفعل أي شيء في أول ساعتين أستيقظ بعد أن أستيقظ من النوم (في الوقت الذي كُنت أصارع نفسي للذهاب إلى الكمبيوتر مع حِزم من تأنيب الضمير متلهفًا لإنجاز أكبر عدد من الكلمات). ساعتين يتخللها (بهدوء) بعضٌ من القراءة والتسبيح والتفكير والقهوة اللذيذة وصوت الموسيقى. بعدها عشر دقائق يوجا وعشر دقائق تأمل. ليكون اليوم بعدها أكثر هدوءً وأقل انسحابًا تجاه الفوضى. إضافةً إلى محاولة تخفيف ٩٠٪ من الوقت على التواصل الاجتماعي؛ فهناك قائمة طويلة من الكُتب تنتظر منذ مدة.

    بعد أن قرأت كتاب «إم سكوت بيك» أعتقد أن فكرة «الهدوء والتفكير» يجب أن يتحولوا إلى نمط أكثر شيوعًا في يومنا، نتسلح بهم للمستقبل وللمزيد من التواجد مع من نحب وفي عمل ما نُحب.

    لأن هناك شيء خاطئ إن كان الوضع الافتراضي هو التوتر والضغط وعدم امتلاكنا للوقت مع كل هذا التقدم التقني وكفاءة التواصل. وبالتأكيد التقنية ليست على خطأ!

    كان الله في عون الجميع.

زر الذهاب إلى الأعلى